خصيما وبجبرائيل ظهيرا ، وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين ، وبئس للظالمين بدلا ، وأيكم شر مكانا وأضعف جندا ، ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك ، إني لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك ، لكن العيون عبرى والصدور حرى ، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء ، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواه تتجلب من لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها أمهات الفراعل ، ولئن اتخذتنا مغنما لتسدنا وشيكا مغرما ، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك ( وما ربك بظلام للعبيد ) [1] فإلى الله المشتكى وعليه المعول ، فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا تدحض عنك عارها ، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد ، يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على الظالمين ، فالحمد لله رب العالمين الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله أن يكمل لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة إنه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل . فقال يزيد : [ يا صيحة تحمد من صوائح * ما أهون الموت على النوائح ] قال المؤلف النقدي ( أعلا الله مقامه ) : إن بلاغة زينب وشجاعتها الأدبية ليست من الأمور الخفية ، وقد اعترف بها كل من كتب في وقعة كربلاء ، ونوه بجلالتها أكثر أرباب التاريخ ، ولعمري إن من كان أبوها علي بن أبي طالب ( ع ) الذي ملأت خطبه العالم وتصدى لجمعها وتدوينها أكابر العلماء ، وأمها فاطمة الزهراء صاحبة خطبة ( فدك الكبرى ) وصاحبة ( الخطبة الصغرى ) التي ألقتها على مسامع نساء قريش ، ونقلتها النساء لرجالهن ، نعم إن من كانت كذلك