هم قوم خصمون ) [1] وقال الباقون : نقمنا عليك أيضا لأنك محيت اسمك من إمرة المؤمنين يوم صفين ، فلست إذا بأمير علينا ، فقال لهم : اقتديت برسول الله حين محى اسم الرسالة في صلح قريش ، فقالوا : نقمنا عليك قولك للحكمين انظروا في كتاب الله ، فإن كنت أفضل من معاوية فأثبتاني في الخلافة ، فأنت إذا في شك من نفسك ، فنحن أشد شكا فيك ، فقال : أردت منهما أن ينصفاني ، فلو قلت احكما لي واتركاه لم يرض معاوية ، كما قال رسول الله لنصارى نجران ( فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) [2] فلو قال فنجعل لعنة الله عليكم لم يرضوا ، قالوا : نقمنا عليك قد حكمت فيما هو حق لك ، فقال ، إن رسول الله حكم سعد بن معاذ في بني قريظة فاقتديت به ، فصاح من كل ناحية جماعة التوبة التوبة يا أمير المؤمنين ، واستأمن إليه ثمانية آلاف وطلبوا الاعتزال ، فأجابهم ، وبقي على حربه أربعة آلاف رجل ، فتقدم عبد الله بن الراسي وذو الثدية وقالا : والله ما نريد بقتالك إلا الله والدار الآخرة ، فتلا علي ( ع ) هذه الآية : ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) [3] . ثم التحمت الحرب بين الفريقين ، وأسعرت الحرب لظاها ، وأسفرت عن زرقه صبحها وأحمر ضحاها ، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى فني كثير من الخوارج ، فقام عبد الله الراسي ونادى يا ابن أبي طالب ، والله لا نبرح حتى تأتي على آخرنا ، فأبرز وذر الناس جانبا ، فقال أمير المؤمنين وهو يبتسم : ما أقل حياؤه إنه ليعلم أني حليف السيف ، وخدين الرمح ، لكنه يئس من الحياة . فحمل عليه أمير المؤمنين ( ع ) فقتله ، فما كانت إلا كدورة الرحى حتى أتى على آخرهم ، فلم يفلت منهم إلا عشرة كما أنه لم يقتل من أصحابه عشرة ، وقد أخبر ( ع ) قبل منصرفه وقال : إنا نقتلهم ولم يفلت منهم إلا عشرة ،
[1] سورة الزخرف ، الآية : 58 . [2] سورة آل عمران ، الآية : 61 . [3] سورة الكهف الآية : 103 - 104 .