فنظر إليه أبو الحسن بعد ساعة فقال : يا بني أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا ، فبكى الفتى وحمد الله تعالى واسترجع وقال : يا أباه أسأل الله تمام النعمة علينا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، فسألنا عنه فقالوا : هذا ابنه وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه . كما في حديث آخر عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت عند أبي الحسن ( ع ) بعد ما مضى ابنه أبو جعفر ( رض ) وإني لأفكر في نفسي ، وأقول هذه قصة أبي إبراهيم وقصة إسماعيل فأقبل علي أبو الحسن ( ع ) قبل أن أنطق ، فقال : نعم يا أبا هاشم بدا لله أبي جعفر فصير مكانه أبا محمد ( ع ) كما بدا له في إسماعيل ، بعد ما دل عليه أبو عبد الله ( ع ) ونصبه ، وهو كما حدثتك نفسك وان كره المبطلون . أبو محمد ابني الخلف من بعدي ، عنده ما تحتاجون إليه ومعه آلة الإمامة والحمد لله . وليس البلد المذكور في هذا الخبر ونحوه على جهة الحقيقة ، لان الإمامة منصوص عليها من الله ورسوله ( ص ) أزلا وأبدا ، فالمراد بها ظهور الشئ على ما هو عليه في نفس الإمامة بعد أن يكون الظاهر عكسه ، وكيف وقد قال الله تعالى : ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) [1] وقال تعالى : ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) [2] ولقد كان أبو محمد أكبر من جعفر الكذاب . ولله در من قال : [ هو الشمس نورا لا خفاء بها * إذا فكيف ونور الله فيها مخلد ] [ ولكنما جار العدو عليهم * وقد قصدوهم بالبلا وتمردوا ] [ وقد شتتوا في كل شرق ومغرب * وفي كل قفر من فنا الأرض مشهد ] [ أبادوهم قتلا وسما ومثلة * فيا لك خطب في الورى ليس يوجد ]
[1] سورة التوبة ، الآية : 115 . [2] سورة البقرة ، الآية : 106 .