فجعل يمسح بيده على كل واحد منهم ثم يشير له بالاعتزال فيعتزل ناحية حتى اعتزلت كلها ووقفت بأزائه فقال له الوزير ما هذا صوابا ، فبادر بإخراجه من هناك قبل أن ينتشر خبره فقال له يا أبا الحسن ما أردنا بك سوءا ، وإنما أردنا أن نكون على يقين مما قلت ، فأحب أن تصعد فقام ( ع ) وصار إلى السلم وهم حوله يتمسحون بثيابه ، فلما وضع رجله على أول مرقاة انتقل إليها بوجهه وأشار لها بيده أن ترجع فرجعت ، وصعد ( ع ) ثم قال كل من يزعم أنه من ولد فاطمة ( ع ) فليجلس في ذلك المجلس فقال المتوكل للمرأة : انزلي فقالت الله الله في ، فقد ادعيت الباطل ، وأنا بنت فلان حملني الضر على ما قلت فقال المتوكل : ألقوها إلى السباع فاستوهبتها منه أمه . وزاد في كتاب المناقب فيها قال علي بن الجهم : لو جربت قوله على نفسه يا أمير المؤمنين فصرفت حقيقة قوله ، فقال : افعل فتقدم إلى قوام السباع فأمرهم أن يجوعوهم ثلاثة أيام ويحضروهم القصر ، فترسل في صحنه ، وقعد في المنظر وأغلق أبواب الدرجة ، وبعث إلى أبي الحسن ( ع ) وأمره أن يدخل من باب القصر ، فدخل ( ع ) فلما صار في الصحن أمر أن يغلق الباب ، وخلا بينه وبين السباع في الصحن . قال علي بن يحيى : وأنا كنت في الجماعة وابن حمدون ، فلما مشى في الصحن يريد الدرجة مشت إليه السباع ، وقد سكنت من زئيرها ولم يسمع لها حس ، حتى تمسحت به ودارت حوله ، وهو ( ع ) يمسح رؤوسها بكمه ثم ضربت بصدرها الأرض فما مشت ولا دارت حتى صعد الدرجة ، وقام المتوكل ودخل فارتفع أبو الحسن ( ع ) وقعد طويلا ، ثم قام ( ع ) فانحدر ففعلت السباع كفعلها به الأول ، وفعل ( ع ) بها كفعله الأول فلم تزل رابضة حتى خرج من الباب الذي دخل منه ، وركب فانصرف واتبعه المتوكل بمال جزيل وصله به . قال إبراهيم بن الجهم فقلت يا أمير المؤمنين : أنت إمام فافعل كما فعل ابن عمك ، فقال والله لئن بلغني عنك أحد من الناس بذلك لأضربن عنقك