وكانت مدة إمامة الهادي ( ع ) بعد أبيه ( ع ) ثلاثة وثلاثون سنة ، وكانت إمامته في بقية ملك المعتصم ، وملك الواثق خمس سنين وتسعة أشهر ثم هلك ، وملك المتوكل أربعة عشر سنة ، ثم بقي ( ع ) بقية تلك المدة في خلافة المنتصر والمستعين والمعتز ، وفي ملك المعتمد استشهد ( ع ) كما سيجئ ، وكان المتوكل أشدهم عداوة إليه فلا زال يضمر له الغوائل ، وينصب لبغضه الحبائل ، وكان دار ملكه لعنه الله سر من رأى ، ومولانا الهادي ( ع ) مقيم بها بعد إشخاصه من المدينة بأمر المتوكل ، وإنما فعل ذلك به ليصرف وجه الناس عنه لما رأى من زهده ( ع ) ومجده وفضله ، وما أعطاه الله من المهابة والجلالة والكرامة والنبالة والاحاطة بجميع احكام الدين ، وبما في الكتاب المستبين المكنون وما كان وما يكون ، فخرج هذا الامر عنه إلى بني العباس . وروي عن يحيى بن زكريا كما في كشف الغمة وغيره قال : دعاني المتوكل وقال : اختار ثلاثمائة رجل ممن تريد وأخرجوا إلى الكوفة وخلفوا أثقالكم فيها ، وأخرجوا على طريق البادية إلى المدينة واحضروا علي بن محمد الهادي إلى عندي مكرما معظما . قال الراوي : وسبب ذلك الاشخاص من المدينة إلى سر من رأى ما روي في كتاب ( الفصول المهمة ) أن عبد الله بن محمد كان مستنيب الخليفة المتوكل عليه لعائن الله في الحرب والصلاة بالمدينة المنورة على مشرفها وآله الصلاة والسلام ، فسعى ذلك النائب في أبي الحسن ( ع ) إلى المتوكل بغضا وحسدا ، وكان يقصده بالأذى غيظا وكمدا ، فبلغ أبا الحسن ( ع ) سعايته به فكتب إلى المتوكل بتحامل عبد الله بن محمد عليه ، وقصده الأذى منه له ، فتقدم المتوكل بالكتاب إليه على جهل من القول والفعل ، وكانت صورة الكتاب الذي كتبه له ( ع ) :