الرضا ( ع ) المنائح والمنادب العالية ، ورثته الشعراء من كل جانب وناحية . فلما وصل نعيه إلى قم رثاه دعبل الخزاعي ( ره ) بقصيدته الرائية التي منها هذه الأبيات العلية يقول : [ لولا تشاغل عيني بالأولى سلفوا * من أهل بيت رسول الله لم أقر ] [ كم أذرع لهم بالطف بائنة * وعارض بصعيد الترب منعفر ] [ أنسى الحسين ومسراهم لمقتله * وهم يقولون هذا سيد البشر ] [ يا أمة السوء ما جازيت أحمد عن * حسن البلاء عن التنزيل والسور ] [ خلفتموه عن الأبناء حين مضى * خلافة الذئب في أبقار ذي بقر ] [ لم يبق حي من الاحياء نعلمه * من ذي يمان ولا بكر ولا مضر ] [ إلا وهم شركاء في دمائهم * كما تشارك أيسار على جزر ] [ قتلا وأسرا وتحريقا ومنهبة * فعل الغزاة بأهل الروم والخزر ] [ أرى أمية معذورين إن قتلوا * ولا أرى لبني العباس من عذر ] [ قوم قتلتم على الاسلام أولهم * حتى إذا استمكنوا جاؤوا على الأثر ] [ أبناء حرب ومروان وأسرتهم * بني معيط ولاة الحقد والوغر ] [ أربع بطوس على قبر الوصي بها * إن كنت تربع من دين على قطر ] [ قبران في طوس خير الخلق كلهم * وقبر شرهم هذا من العبر ] [ ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا * على الزكي بقرب الرجس من ضرر ] [ هيهات كل امرء رهن بما كسبت * له يداه فخذ ما شئت أو فذر ] قال : فسمع المأمون بذلك فأرسل إليه فأتاه وآمنه على نفسه ، فلما مثل بين يدي المأمون قال له : أنشدني قصيدتك فجحدها وأنكر معرفتها ، فقال له : لك الأمان عليها كما آمنتك على نفسك ، فأنشده إياها فلما وصل إلى قوله ( هيهات كل امرء رهن بما كسبت له يداه ) البيت ، ضرب المأمون بعمامته إلى الأرض وقال : صدقت والله يا دعبل ، ثم بكى ولم يزل ينوح حتى غشي عليه ، وصار الناس في اضطراب عظيم وهو يقول : صدقت والله يا دعبل ( كل امرء