تراجعني فيها ، فحصل له ببركة هذه الدنانير والجبة السنية كرامات كثيرة ومنافع غير يسيرة ترد عنها عيون الأعداء وهي حسيرة . ولما جاء يوم العيد بعد قبول الامام ولاية العهد بالعيد الأكيد بعث المأمون للرضا يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب فقال ( ع ) : قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الامر فقال المأمون : إنما أريد بهذا الامر أن يرسخ في قلوب العامة ، فلما ألح عليه قال : إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي وإن لم تعفني خرجت كما يخرج رسول الله ( ص ) وأمير المؤمنين ( ع ) فقال : اخرج كما تحب ، وأمر المأمون القواد أن يبكروا إلى باب أبي الحسن ( ع ) فقعد الناس في السطوح والطرقات من الرجال والنساء والصبيان ، واجتمع القواد على باب الرضا ( ع ) فلما طلعت الشمس اغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن وألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه ثم قال لجميع مواليه : افعلوا مثلما فعلت ثم أخذ بيده عكازا وخرج وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة ، ثم رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل للناس أن الهواء والحيطان تجاوبه ، ثم وقف على الباب وقفة وقال : الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما بلانا ورفع بذلك صوته وكذا أصحابه فتزعزعت مرو من البكاء والصياح فقالها ثلاث مرات فتساقط القواد ورموا بخفافهم ، فلما نظروه بكوا وصارت مرو في ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والصيحة وكان ( ع ) يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة ويكبر الله تعالى أربع تكبيرات ، فتخيل للناس أن السماء والأرض والحيطان تجاوبه فبلغ المأمون ذلك فقال للفضل بن سهل : إن بلغ الرضا المصلى وهو على هذا السبيل افتتن به الناس ، فالرأي أن تسأله يرجع فبعث المأمون إليه يسأله الرجوع فدعا أبو الحسن ( ع ) بخفه فلبسه ورجع فلم ينتظم أمر الناس فويل للمأمون الحسود ، في اليوم الموعود ، من مخالفة العهود ، وما ارتكبه من إمام زمانه المفضال ، ومن نصب حبائل الاغتيال ، وجد الحد في الاحتيال في خفض شأنه العال