استلانة جانبه وأخذ الأموال فوق استحقاقهم ، ولعل اليوم من يميل إلى الحق وأنت قد بعت الدنيا بالآخرة ، ولو اجتمعت أخلاقهم إلى أخلاقك لما خالف خالد فقال أمير المؤمنين ( ع ) : والله ما أوتي بخالد إلا من جهة هذا الخؤون المفتن ابن صهاك ، لا زال يؤلب القبائل ويوسعهم من عطائه ، ويذكرهم ما أنساهم الدهر ، وسيعلم غب فعله إذا فاضت نفسه . فقال خالد : يا أبا الحسن بحق أخيك إلا قطعت هذا الكلام من نفسك وصرت إلى منزلك مكرما إذا كانوا راضين بالكفاف ، فقال : لا جزاهم الله خيرا عن أنفسهم ولا عن المسلمين خيرا . فركب أمير المؤمنين ( ع ) دابته وأتى المدينة وصار إلى قبر رسول الله ( ص ) وأبو بكر في المسجد ، فقال للعباس : ادع لي ابن أخيك عليا لأعاتبه في الأشجع ، فقال العباس : إني أخاف عليك منه إذا عاتبته أن لا تنتصر منه ، فقال أبو بكر : أتخوفني منه دعني وإياه ، فدعاه العباس وأتى إلى جانبه ، فقال يا بن أخي إن أبا بكر استبطأك فقال : لو دعاني لأجبته ، ثم عاتبه أبو بكر في الأشجع ، فقال : ما أنت أعرف بالحلال والحرام مني ، إنما قتلت زنديقا منافقا في بيته صنم من الرخام يتمسح به ويصير إليك ثم ترادد الكلام بين العباس وأبو بكر ، حتى قال العباس أبلغ من شأنك يا أبا بكر تتعرض لولدي وابن أخي ، أنت ابن أبي قحافة ابن مرة ونحن بنو عبد المطلب بن هاشم أهل بيت النبوة والخلافة ، تسميتم بأسمائنا ، وتقدمتم علينا في سلطاننا ، وقطعتم أرحامنا ، ومنعتم ميراثنا ثم أنتم تزعمون أن لا إرث لنا وأنت أولى وأحق بهذا الامر منا ، فسحقا وبعدا أنى تؤفكون ، ثم أخذ بيد علي وانصرفا ، فقال علي ( ع ) : ليس لنا إلا الصبر ، دعهم يا عم يستضعفونا يحكم الله وهو خير الحاكمين . ولله در الشاعر حيث يقول : [ يا للرجال الدين قل ناصره * ودولة ملكت ملاكها السفل ] [ أضحى أجير ابن جذعان لها خلفا * برتبة الوحي مقرون ومتصل ]