وأنهم أول بارز من حمى خزانة الرحمن ، وأن الوجود بهم فتح بابه ، وبهم يختم كتابه ، فكانوا صلوات الله عليهم في هذه الدار الفانية في علو الشأن ، بعد بروزهم من عالم الغيب إلى عالم العيان ، نجوما زاهرة ، وأنوار ظاهرة ، كلما خفي نجم بدا نجم ، وكلما انطمس علم بدا علم ، وأعدائهم الذين هم قائمون على سوق الجد والاجتهاد في إطفاء تلك الأشعة الظاهرة كالنار على العلم ( يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) [1] فكم كابدت تلك الفرقة المحمدية ، والسلالة العلوية ، والسترة الفاطمية ، من أجلاف التيمية والعدوية وأسلاف الأموية الغوية ، والعجب كل العجب مما ارتكبته فيهم العباسية الغبيبة ، حيث لم يألوا فيهم آلا ولا ذمة ولا قرابة نسبية ، ولا حمية إسلامية ولا جاهلية ، ولم يكفهم غصبهم حق الإمامة التي هي الرئاسة الكلية ، بل تركوهم في هذه الدنيا الدنية ، بين مسموم ومذبوح ومفقود بين البرية ومسجون ومطرود في البرية ، حتى انتهت النوبة إلى الامام الثامن ، الذي هو لمن زاره على بعد مداه بالجنان ضامن ، فإنه لما قام بأعباء الخلافة الحقية ، وعمر أقطار الأرض بولايته العدلية ، وسيرته المعصومية ، وشريعته المحمدية ، وشجاعته العلوية ، وسخاوته الحسنية ، وصلابته الحسينية ، وعبادته السجادية ، وعلومه الباقرية ، وسياسته الصادقية ، وحلومه الكاظمية ، وأخلاقه الرضوية ، هم به طاغية زمانه الهموم وعزم على تقطيع كبده الشريفة بذعاف السموم ، حتى قضى بالسم نحبه ولقي بالكرب ربه الحي القيوم . شعر للمؤلف رحمه الله تعالى : [ يا حبذا عترة بدأ الوجود بهم * وهكذا بهم ينها ويختتم ] [ من مثلهم ورسول الله فاتحهم * وسبطه العقد والمهدي ختمهم ] [ فمن تولى سواهم إنهم ندموا * إذ في الممات على ما قدموا قدموا ]