أخي حسين لو خيرت بين المقام عندك أو الرحيل لاخترت المقام ولو تأكلني سباع البر . [ أحمي الضائعات ضاع فؤادي * بين أمرين رحلتي ونزولي ] [ إن أردنا المقام عاجلنا الأقوام * بالضرب حرصا على التعجيل ] [ أو سروا فالسري يشتت شملي * بين طفل وأيم وثكول ] فلم يمهلوهن بل أركبوهن على تلك الحالة العظيمة ، فلما صارت الحوراء زينب على ظهر ذلك البعير ونادى سائق الظعن بالمسير ، أشارت لكافلها بدمع غزير وقلب كسير . [ أحجاب صوني في أمان الله * عز علي مسرانا وجسمك مودع ] [ ودعتك الكافي وقد سدت علي * مذاهب الآراء ما بك أصنع ] [ وسروا بها والعين ترعاه وإن * حجبت أقام فؤادها يتطلع ] فلم يزالوا مجدين المسير بهن إلى الكوفة وهن بدموع مذروفة وقلوب ملهوفة إلى أن وصلوا إليها . روي مرسلا عن مسلم الجصاص قال : دعاني ابن زياد ( لع ) لاصلاح دار الامارة بالكوفة فبينا أنا أجصص الأبواب وإذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة ، فأقبلت على خادم كان يعمل معنا فقلت : مالي أرى الكوفة تعج بأهلها ؟ قال : الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد ، فقلت : من هذا الخارجي ؟ فقال : الحسين بن علي قال : فتركت الخادم حتى خرج ولطمت على وجهي حتى خشيت على عيني أن تذهبا ، وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر وأتيت إلى الكناس ، فبينا أنا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس إذ قد أقبلت نحو أربعين بشقة تحمل على أربعين جملا فيها الحرم والأطفال ، وإذا بعلي بن الحسين على بعير وطاء وأوداجه