غير شاكية في الخير لك ، صلوات الله وسلامه عليك يوم تموت ويوم تبعث حيا . ثم بكى بكاء شديدا وأنشأ يقول : [ سأبكيك ما دامت عيوني فإن تفض * فحسبك مني ما تجن الجوانح ] [ لئن حسنت فيك المراثي ووصفها * فقد حسنت من قبل فيك المدائح ] [ كأن لم يمت حي سواك ولم تقم * على أحد إلا عليك النوائح ] [ فما أنا من رزء وإن جل جازع * ولا بسرور بعد موتك فارح ] قال أبو الحسن المدائني : ووصل نعي الحسن من المدينة إلى البصرة في يومين وليلتين ، فقال الجارود بن أبي سبرة : [ إذا كان شرا سار يوما وليلة * وإن كان خيرا جرد السير أربعا ] [ إذا ما بريد الشر أقبل نحونا * بإحدى الدواهي الربد سار وأسرعا ] وكان أول من نعى الحسن ( ع ) بالبصرة عبد الله بن أبي سلمة ، نعاه لزياد ، فخرج الحكم بن أبي العاص الثقفي فنعاه ، فبكى الناس وأبو بكرة يومئذ مريض ، فسمع الضجة ، فقال : ما هذا ؟ فقالت امرأته منسية بنت سجام الثقفية : مات الحسن والحمد لله الذي أراح الناس منه ، فقال لها أبو بكرة : اسكتي ويحك فقد أراحه من شر كثير ، وفقد الناس بموته خير كثير . يرحم الله حسنا . وفي بعض الاخبار أن عبد الله بن العباس كان يوم موت الحسن ( ع ) بدمشق ، فلما وصل نعي الحسن إلى دمشق أقبل معاوية إلى ابن عباس ، فقال له معاوية : لا يحزنك الله ولا يسؤك ، ثم جرى بينه وبينه كلام أغلظ فيه ابن عباس لمعاوية ، فقال له : يا معاوية أصبحت سيد قومك ، فقال : أما والحسين حي فلا ، فكان ابن عباس يقول : إن أول ذل دخل على العرب موت الحسن ،