وميثاقه وما أخذ الله على أحد من خلقه بما أعطاه الله من نفسه بالوفاء ، وعلى أن لا يبتغي للحسن ، ولا لأخيه الحسين ، ولا لأحد من أهل بيت رسول الله غائلة سرا ولا جهرا ، ولا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق ، شهد الله عليه وكفى بالله شهيدا ، ويشهد به فلان وفلان والسلام . وسمى معاوية ذلك العام عام الجماعة ، لاجتماع الناس عليه ، ثم دفع الكتاب إلى رسولي معاوية فسار به ، ثم أراد معاوية التوجه إلى العراق فمنعه قيس بن سعد أشد المنع ، وقال : لا أدعك تسير حتى تأتيني من الحسن كتابا يدل على خروجي عنك ، فكتب معاوية إلى الحسن كتابا يقول فيه : لقد أديت الأمانة وبذلت النصيحة ، فجزاك الله خيرا ، فإذا قدم عليك كتابي هذا ، فائت بعسكرك إلى الكوفة ، فإني سائر لها والسلام . ثم سار الحسن ( ع ) من المدائن مع شيعته الذين بقوا معه ودخل الكوفة ، ورجع قيس بن سعد بن عبادة إلى الكوفة وعسكره ، ثم أتى معاوية بعسكره إلى الكوفة وضرب فسطاطه بالنخيلة قبل دخوله الكوفة ، فخرج أشراف أهل الكوفة وأمراؤها يتلقونه ، فقام خطيبا فيهم وخطب خطبة طويلة لم ينقلها الرواة تامة ، وجاءت مقطعة ، ولنذكر ما انتهى إلينا منها . قال الشعبي أن معاوية قال في خطبته بالنخيلة : أيها الناس ما اختلف أمر أمة بعد نبيها إلا وظهر أهل باطلها على أهل حقها . ثم انتبه وندم وقال : إلا هذه الأمة فإنها وإنها ، ثم قال ألا وإن كل شئ أعطيته الحسن ، وكل شرط شرطته له فهو تحت قدمي لا أفي له منه بشئ ، ثم قال : يا أهل الكوفة والله ما قاتلتكم ، لا لتصلوا ، ولا لتصوموا ، ولا لتزكوا ، ولا لتحجوا ، وإنكم لتفعلون ذلك ، وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، فأعطاني الله ذلك وأنتم كارهون . قال وكان عبد الله بن شريك إذا حدث بذلك يقول : هذا والله هو التهتك