وما أعظم خالق الحياة ، الذي يمسك مفاتيح الزمن وحركته ، ويهيئ أسباب القوة والنصر !
ينظر بلال إلى تلك المجموعة الصغيرة المشردة التي ناهت باحثة عن مأوى هنا وهناك فيراها جيشا عظيما مصمما تلهبه روح العزيمة والإيمان .
من اليوم أكثر من بلال حرية وحماسة وسعادة ؟ !
إنه بلال جديد على تخوم مكة . ليس بلالا الذي آمن بمحمد " صلى الله عليه وآله " ببداهته وفطرته ، وأعلن الولاء له في بداية البداية وإن كان لا زال متمسكا بفطرته هذه ، ولم يتخل عن بداهته .
بلال الذي يتشرف بمكة اليوم ، رجل عركته الحياة وغربلته التجارب ، وصقلته الصعاب والملمات ، حتى ليبدو جوهرة من ظاهره .
بلال اليوم ، محدث ، وخبير بمجريات الأحداث ، جمع الوعي إلى بأسه ، والعلم إلى تضحيته ، فتكاملت جوانب ذلك فيه حتى صار - ذلك العبد الذي عرفت مكة صبره على السياط وسط البيداء - رجلا يحسب له حساب ، وها يرى الجميع موقعه ودنوه وقربه من رسول الله " صلى الله عليه وآله " .
تدنو ساعة الزحف في شهر الطاعة والجهاد ، وبلال يتجاذبه العشق ، وتهزه اللهفة للوصول إلى مرابعه .
تستعد الفرق المحيطة بمكة . ويبدأ التقدم .
الجيش كله جندي واحد ، يطلق كلمة واحدة هي عصارة الإسلام وروحه وغايته " لا إله إلا الله " ، تستيقظ مكة على هذه الكلمة التي طالما

91