صمتهم بعد وفاته " صلى الله عليه وآله " فشهدت الحركة السياسية محاولات حثيثة لتشويه صورة الإسلام والعودة بالمجتمع إلى الجاهلية ، فكان أن دبت الروح في مفاهيم الجاهلية التي وجدت طريقها إلى المجتمع بعد أن كادت تندثر في هوة سحيقة .
ومن الطبيعي أن يكون أول ما تأتي عليه هذه السياسة هو : سيرة النبي " صلى الله عليه وآله " في الزواج القائمة على اعتبار المؤمن كفوءا للمؤمنة ، الأمر الذي يعتبر مستنكرا في مفاهيم الجاهلية .
ومعنى أن يختار النبي " صلى الله عليه وآله " بلالا ، العبد الفقير ، الفاقد لأي مكانة اجتماعية سوى أنه كان مؤذنا له ، ويزوجه من إحدى بنات القبائل البارزة ، ويحول سينه شينا عند الله ، فهذا بحد ذاته رسالة بالغة الأثر تشكل عملية تصحيح ونسخ للمبادئ والمعايير التي كانت سائدة في تلك المرحلة ، والتي هي خلاصة تراكمات أزمنة طويلة ، وهي إرساء لأسس اجتماعية وفكرية أخرى من شأنها أن تمتن الروابط الإنسانية وأن ترسيها على أسس دعائمها قيم جديدة من روح الدين الجديد .
وينقل لنا التاريخ معاناة الموالي وما تعرضوا له من جراء سياسة التمييز العنصري هذه التي اتبعت آنذاك .
فقد جاء : أنه أتى الموالي أمير المؤمنين " عليه السلام " ، فقاتلوا : نشكو إليك هؤلاء العرب ، إن رسول الله " صلى الله عليه وآله " كان يعطينا معهم العطايا بالسوية ، وزوج سلمان وبلالا وصهيبا ، وأبوا علينا هؤلاء ، وقالوا : لا نفعل .
فذهب إليهم أمير المؤمنين " عليه السلام " فكلمهم فيهم فصاح الأعاريب : أبينا ذلك يا أبا الحسن أبينا ذلك .

133