منكم إن فعلتم ، فإن كنتم قد أبيتم إلا إلفَ دينكم ، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم ، فوادعوا الرجل ثم انصرفوا إلى بلادكم ) . وكيف لم يذكر الدكتور شيئاً من هذا الكلام خصوصاً قوله ( فوادعوا الرجل ثم انصرفوا إلى بلادكم ) فإن الموادعة معناها المصالحة والمعاهدة ، كما ذكرها الدكتور قبل هذا بقوله : ( فأما اليهود فكان بينه وبينهم عهد المواعة ) ، وإذا كان كذلك فكيف يستقيم هذا مع رسول الله ( ص ) أول العهد بيثرب ، إذ لا حاجة لهذا الوفد إلى موادعته يومئذ ، فلا دولة له ولا سلطان ، فرأي أسقفهم بهذا يعد لغواً من القول ! وإنما يستقيم معناه إذا كان آخر العهد بيثرب حين ملك صلى الله عليه وآله الجزيرة ، وجرى حكمه فيها على أهل الوبر والمدر ، كما هو رأي جمهور المؤرخين ، ومنه تعرف أن هذا الوفد كان مرتهناً عند رسول الله ( ص ) لا يملك الانصراف إلى بلاده إلا بإحدى ثلاث : الاسلام أو المباهلة أو الموادعة . فانظر إلى لباقته كيف طوى ما ذكره ابن إسحاق في السيرة ؟ ! ! ومنه تعرف ما في قوله بعد ما تقدم بلا فصل : ( لكنهم رأوا حرص محمد ( ص ) على العدل حرصاً احتذى أصحابه فيه مثاله ، فطلبوا اليه أن يبعث معهم رجلاً يحكم بينهم في أشياء اختلفوا عليها من أقوالهم ) ! ! أقول هذا كسابقه لا يصلح إلا أن يكون في السنة العاشرة ! وعجيب منه كيف لم يغفل ذكر طلبهم من رسول الله حاكماً يحكم بينهم ويطويه كسابقه ! فإن هذا الطلب ينادي بأن هذه الوفادة كانت بعد خضوع