يذكر علياً وعبد الرحمن بشئ ! ولا مشقة عليه بعد قوله قتل منهم عشرة لو قال : علي اثنين ، وعبد الرحمن واحداً . ولئن اتهمناه في إغفاله ذكر علي عليه السلام فلا نتهمه في عبد الرحمن فإنه أحد العشرة المبشرة عنده ، وأحد رجال الشورى ، بل كل رجالها ! ولئن اعتذرنا له بأنه لم يطلع على عمله ، فهذه سيرة ابن هشام بين يديه يكتب عنها غزوة بني المصطلق سطراً سطراً ، فليس تركه ذكر عبد الرحمن إلا لأنه متى ذكره فلا بد أن يذكر علياً عليه السلام ، فكان نصيبه الحرمان ! فرأى العمل بقول القائل : أقتلوني ومالكاً واقتلوا مالكاً معي ! ! هذا هو التمحيص للسيرة الذي يتغنى به في كتابه ( حياة محمد ) ويردده بين أبناء هذا الجيل ! ! لا ذنب لعلي عليه السلام عند الدكتور وأمثاله إلا إطراء الشيعة له وتفضيله على غيره من الصحابة . أمن العدل أيها العظيم بأدبه وذكائه إغفال علي عليه السلام وستر فضله ؟ ومن أعرف منك بالعظماء ، ومن أولى منك بتقدير قدرهم ؟ ! أقف عند كتابة هذه الأسطر وجلاً حيراناً يتنازعني عاملان ، عامل الغيرة والأنفة لأهل الفضل الذين حفظ لهم التاريخ أعمالهم الصالحة أن تمحى من ألواح تلك الصحائف الرائعة ، ليخلد ذكرهم لمن يأتي بعدهم من الأجيال خدمة للبشر ليقتدوا بهم . . وعامل الخشية أن نرمى بشق العصا وتفريق كلمة المسلمين ، فإنها شعار المضلين يثيرون بها الدهماء والمستضعفين من الناس ، ليصولوا بهم على أنصار الحق ورواد الحقيقة .