( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ؟ ! ومن ينقلب على عقيبه فلن يضر الله شيئاً ) ! وهذا توبيخٌ لمن فر واعتصم بالجيل حين سمع الصيحة أن رسول الله ( ص ) قد قتل ! مرَّ أنس بن النضر عم أنس بن مالك بجماعة من أكابر الصحابة فقال : ما يجلسكم ؟ قالوا : قتل رسول الله ( ص ) قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ ! قوموا فموتوا على ما مات عليه ! ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل بعد ما أصيب بسبعين جرحاً . ( وسيجزى الله الشاكرين ) قال أنس فإنهم هم المؤمنون حقاً . ( ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه ) تستأصلونهم بالسيف . ( حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ) في عدوكم ( ما تحبون ) من فراره أمام قوتكم وقهركم له واستيلاؤكم على الدولة ، فكان عليكم والحال هذه أن يقوى إيمانكم ويقينكم بربكم ، وتقابلوا نعمته بالشكر مطيعين نبيه إذ أمركم أن لا تبرحوا مكانكم ولا ترجعوا عن قتال عدوكم ! ولكن كان ( منكم من يريد الدنيا ) وهم الذين لم يحضروا الوقعة إلا طلباً للغنيمة ، وهؤلاء لما فر المشركون وتركوا أقبلوا على حيازة المغانم ، فرآهم من يريد الدنيا من الرماة الذين وضعوا لحماية ظهور المسلمين ، فأقبلوا على حيازة المغانم وأخلوا ظهور المسلمين للعدو ، فكانت الطامة ! ( ومنكم من يريد الآخرة ) وهم الذين لم يحضروا الوقعة إلا لنصر الحق