هؤلاء الذين ذكرهم الأئمة والحفظة من المؤرخين بالبلاء في هذه الوقعة ، من بين كافة أصحاب رسول الله ، فهم أبطال هذه الغزوة ، فقس عمل علي وبلائه إلى أعمالهم ترَه يكاد يساوي عمل جميعهم ! وتذكَّر من بينهم حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله ، وماله في نفوس قريش من البطولة ، ثم قس عمله بعمل علي عليه السلام كيف تراه يخفى في جنبه ! وتذكر أن علياً كان أحدث أولئك الأبطال سناً ، وأنه لم يكن لقي قبل هذه الوقعة حرباً ولا بارز قرناً . . لترى الإعجاب يذهب بك كل مذهب ، ويبهرك جلاله وعظمته ، وما ذاك إلا لعظيم إيمانه وشديد حرصه على إحياء هذا الدين ، وهذه الدولة التي بعث صلى الله عليه وآله بهما ، ويقينه بأن هؤلاء الطواغيت الذين ضمتهم بدر هم العاملون على هدمهما وإماتتها ، وأنه باستئصالهم يتم لرسول الله صلى الله عليه وآله ما أرسل به من هداية البشر وإسعادهم . . فكانت له هذه الضراوة وهذا الاستئصال ! ويزيدك وضوحاً ما قاله نوفل بن العدوية وقد رأى علياً عليه السلام يصمد له : تالله ما رأيت كاليوم رجلاً أسرع في قومه منه ! ! ومن هنا تعرف فعل السياسة ومبلغه من التضليل وإخفاء الحقيقة ! وكيف كان ملوك المسلمين وخلفاؤهم في سيرتهم مع هذا العظيم ! فلو أن الدكتور بحث في هذه الغزوة بحث تمحيص ، لأدى إلى كل ذي حق حقه ، ولم يبخس منه شيئاً . . أما وهو يجمل الأعمال فيها أجملاً ، فليس ذلك من التمحيص في شئ .