وإذا أباح لنفسه هذا النحو من العمل ، فكيف انتقد المبشرين وأقام عليهم النكير ، وكتابه مشحون بذلك ، لا سيما تقديمه ؟ ! إن هؤلاء المبشرين إنما يزجهم في هذا المأزق ويهون عليهم احتمال النقد هو حقدهم المتأصل وعداوتهم القديمة ، التي سببها ظهور الدين وظهور سلطانه على الشرق واكتساحه كل سلطان ، وفرض الجزية على ملوكه وأمرائه ورعاياهم . . وهؤلاء المبشرون هم أحفاد أولئك الذين جرت عليهم هذه الأحكام ، فما الظن بهم وقد اكتسحوا سلطان الاسلام وأعادوا سلطانهم ، وملكوا الحول والقوة ؟ ! أتَعْجَبُ لو عمدوا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وآله فحرفوها ، وأطلقوا العنان لخيالهم في مسخها وتشويهها . . ؟ ! وتلك سجية المغلوب إذا غلب ، والمخصوم إذا فلج ! تراه يستريح إلى تفنيد خصمه وتنقيصه ، إلا من عصمه الله وقهر سلطان النفس وكبج جماع الهوى ، وانفلت من قيد التقليد والعقيدة الموروثة ، وأين هؤلاء ؟ هم أقل من القليل ! إنما العجب لمن اعتنق ديناً وتحلى بمظاهر تأمره وتحثه على تعظيم شخص بعينه ، فإذا كتب سيرة العظماء وتاريخ حياتهم ، عمد إلى ذلك الشخص فحذف ما دوَّنه له التاريخ من الفضائل والمزايا ، وعمل على إغفاله وإهماله ؟ ! وهل يلام المرء إلا إذا خالف فعله قوله ، وظاهره باطنه ؟ ! إن هؤلاء المبشرين يصارحوننا بأن عقيدتهم في محمد صلى الله عليه وآله سيئة ، وأن ما جاء به باطل . . . لكن الدكتور يأبى أشد الإباء أن