إن هذه النفس هي التي نزلها رسول الله منه بمنزلة هارون من موسى ، وقد رواه أئمتك والثقاة من مشايخك ، الذين عنهم أخذت دينك . إن هذه النفس هي التي اختارها ( ص ) من بين أصحابه لمؤاخاته يوم آخا بينهم ! وهي التي تطوعت له بالوزارة والنصر على الأمر الذي بعثه الله به ، حين جمع عشيرته وأحجموا عما ندبهم اليه من المؤازرة ! وهي التي غامرت ليلة الهجرة بالمبيت على فراشه لتقيه سيوف الأعداء ولولا ذلك لما تهيأ لرسول الله الخلاص . وهي التي غامرت يوم أحد فأنقذته من القتل بعدما فر عنه أصحابه ! وكذلك يوم الأحزاب وخيبر وحنين ، كما ستسمع ! ! أهذا جزاؤه من أعاظم رجال المسلمين أمثالك ؟ ! ! أين ما أخذته على نفسك من التمحيص والسعي ورواء الحقيقة ؟ ! لو أنك أعطيت الإنصاف والتأمل حقهما لبهرك جلال هذا الغلام وعظيم شأنه ، حين تذكر في كتابك كيف يبلغه رسول الله رسالة ربه ، ويتلو ما أنزل عليه من القرآن ! فهل بلغك أن رسول الله ( ص ) دعى أحداً من غلمان بني هاشم وغيرهم إلى ما دعى اليه علياً ؟ وهل هذا إلا لما يعلمه ( ص ) من أن لهذا الغلام عقل الشيوخ ورأى ذي السن والتجربة ، وأن له الميزة على ساير أبناء جيله بمواهبه ؟ وما ذاك إلا فضل اختصه الله سبحانه به ، وهو يختص بفضله من يشاء .