مبسوط في السيرة والصحيحين من حديث كعب بطوله حتى تاب الله عليهم وقد قاسوا من هجر المصطفى وأصحابه لهم ما أخبر عنه القرآن بقوله ( ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ) قوله تعالى بما رحبت أي مع رحبها أي سعتها فلا يجدون مكانا يطمئنون إليه قلقا وجزعا تمثيل لحيرتهم في أمرهم وضاقت عليهم أنفسهم قلوبهم للغم والوحشة بتأخير توبتهم فلا يسعها سرور ولا أنس وفي حديث كعب حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي بالتي أعرف وفي رواية وتنكرت لنا الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي نعرف وهذا يجده الحزين والمهموم في كل شيء حتى قد يجده في نفسه وعند ابن عائد حتى وجلوا أشد الوجل وصاروا مثل الرهبان وللبيهقي في الدلائل قال كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فلما رجع صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد وكان صلى الله عليه وسلم ممره إذا رجع في المسجد عليهم فقال من هؤلاء قال هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله حتى تطلقهم وتعذرهم قال أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله هو الذي يطلقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو فأنزل الله ( وآخرون اعترفوا بذنوبهم ) فلما نزلت أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأطلقهم وعذرهم إلا أبا لبابة لم يرض أن يطلقه إلا النبي صلى الله عليه وسلم بيده ففعل ولما نزلت توبتهم نادى البشير كعب فخر ساجدا لله وقام إليه طلحة بن عبد الله فحياه وماشاه ولم يقم إليه أحد ممن كان في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره فقال له صلى