أخذوا هذا من الآية فهو الظن بأفهامهم فهم أعلم الناس بكتاب الله وبتأويله وأفهمهم بما في القرآن من إشارات وإفصاح وإن كان ذلك منهم عن رأي واجتهاد فقد علم ذلك قبل أن يكونوا وأشار إلى صحته قبل أن يفعل إذ لا يعقل قول القائل فعلته أول يوم إلا بالإضافة إلى عام معلوم أو شهر معلوم أو تاريخ معلوم وليس ها هنا إضافة في المعنى إلا إلى هذا التاريخ المعلوم لعدم القرائن الدالة على غيره من قرينة لفظ أو قرينة حال فتدبره ففيه معتبر لمن ادكر وعلم لمن رأى بعين فؤاده واستبصر والحمد لله ه وقد نقل كلامه ملخصا الحافظ في الفتح وقال عقبه كذا قال والمتبادر أن معنى قوله من أول يوم أي دخل صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة ه وقال ابن المنير كلام السهيلي كلام تكلف وتعسف وخروج عن تقدير الأقدمين فإنهم قدروه من تأسيس أول يوم مكانه قيل من أول يوم وقع فيه التأسيس وهذا تأسيس تقتضيه العربية وتشهد له الآية ه ( قلت ) كلام السهيلي ظاهر المأخذ جلي الاستنتاج والذين استبشعوه كأنهم لم يذوقوه فتأمله بإنصاف ترى الحق مع ما أملاه الأعمى لا ما كتبه البصراء ولذا اقتصر عليه معجبا به المولى شهاب الملة والدين الخفاجي في عناية القاضي وكفاية القاضي انظرها وربك أعلم بمن هو أهدى سبيلا واختيرت الهجرة للابتداء بها دون وقت الولادة والبعثة لاختلافهم فيها دونها ووقت الوفاة وإن شارك الهجرة في الاتفاق لا يحسن الابتداء بها عقلا لما ينشأ عنه من تهيج الحزن والأسف بخلاف وقت الهجرة فإنه يتبرك به لكونه وقت استقامة ملة الإسلام واختير لافتتاح السنة المحرم دون غيره