بالشكل الذي يحمي الدعوة ، ويضمن عدم الانحراف . وهذا الاعتقاد لا مبرر له من الواقع إطلاقا ، بل إن طبيعة الأشياء كانت تدل على خلافه ، لان الدعوة - بحكم كونها عملا تغيير انقلابيا في بدايته ، يستهدف بناء أمة واستئصال كل جذور الجاهلية منها - تتعرض لأكبر الاخطار إذا خلت الساحة من قائدها ، وتركها دون أي تخطيط ، فهناك : أولا : الاخطار التي تنبع عن طبيعة مواجهة الفراغ دون أي تخطيط مسبق ، وعن الضرورة الآنية لاتخاذ موقف مرتجل في ظل الصدمة العظيمة بفقد النبي ، فإن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) إذا ترك الساحة دون تخطيط لمصير الدعوة فسوف تواجه الأمة ، ولأول مرة ، مسؤولية التصرف بدون قائها تجاه أخطر مشاكل الدعوة ، وهي لا تمتلك أي مفهوم سابق بهذا الصدد ، وسوف يتطلب منها الموقف تصرفا سريعا آنيا على رغم خطورة المشكلة ، لان الفراغ لا يمكن أن يستمر [9] ، وسوف يكون هذا التصرف السريع في لحظة الصدمة التي تمنى بها الأمة ، وهي تشعر بفقدها لقائدها الكبير ، هذه الصدمة التي تزعزع بطبيعتها سير التفكير ، وتبعث على الاضطراب حتى أنها جعلت
[9] أصبح معلوما أن شغور كرسي الرئاسة في الدولة يستتبع محاذير وأخطارا لا حصر لها ، بالأخص إذا لم تكن ثمة ضوابط دستورية محددة واضحة لملئه بشكل عاجل . راجع النظريات السياسية الاسلامية / الدكتور الريس / ص 134 .