زارياً على الإمام ، متهتكاً حرمة الإسلام ، بذلك جرى السالف ، فصبر عنه على الفلتات ، ولم يعترض بعدها على الغرمات ، خوفاً من شتات الدين ، واضطراب حبل المسلمين ، ولقرب أمر الجاهليّة ، ورصد فرصة تنتهز ، وبايقة تبتدر ، وقد جعلت اللّه على نفسي ، إن استرعاني أمر المسلمين ، وقلّدني خلافته ، العمل فيهم عامّة ، وفي بني العبّاس بن عبد المطّلب خاصّة ، بطاعته وطاعة رسوله 6 ، وأن لا أسفك دماً حراماً ، ولا أبيح فرجاً ولا مالاً ، إلاّ ما سفكته حدود اللّه ، وأباحته فرائضه ، وأن أتخيّر الكفاة جهدي وطاقتي ، وجعلت بذلك على نفسي عهداً مؤكّداً يسألني اللّه عنه ، فإنّه عزّ وجلّ يقول : ( وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولاً ) ( 1 ) ، وإن أحدثت ، أو غيّرت ، أو بدّلت ، كنت للغير مستحقّاً ; وللنكال متعرّضاً ، وأعوذ باللّه من سخطه ، وإليه أرغب في التوفيق لطاعته ، والحول بيني وبين معصيته ، في عافية لي وللمسلمين . والجامعة والجفر يدلاّن على ضدّ ذلك ، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ، إن الحكم إلاّ للّه يقضي بالحقّ وهو خير الفاصلين ، لكنّي امتثلت أمر أمير المؤمنين ، وآثرت رضاه ، واللّه يعصمني وإيّاه ، وأشهدت اللّه على نفسي بذلك ، وكفى باللّه شهيداً . وكتبت بخطّي بحضرة أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه ، والفضل بن سهل ، وسهل بن الفضل ، ويحيى بن أكثم ، وعبد اللّه بن طاهر ، وثمامة بن أشرس ، وبشر بن المعتمر ، وحمّاد بن النعمان ، في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين ، الشهود على جانب الأيمن . شهد يحيى بن أكثم على مضمون هذ المكتوب ظهره وبطنه ، وهو يسأل اللّه أن يعرّف أمير المؤمنين ، وكافّة المسلمين ، ببركات هذا العهد والميثاق ، وكتب بخطّه في تاريخ المبيّن فيه ، عبد اللّه بن طاهر بن الحسين ، أثبت شهادته فيه بتاريخه ، شهد حمّاد بن النعمان بمضمونه ، ظهره وبطنه ، وكتب بيده في تاريخه ، بشر بن المعتمر يشهد بمثل ذلك ، الشهود على الجانب الأيسر . رسم أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه قراءة هذه الصحيفة التي هي صحيفة الميثاق ، - نرجو أن يجوز بها الصراط - ظهرها وبطنها ، بحرم سيّدنا رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بين الروضة والمنبر على