في بيان صفات التوحيد : 88 / ] 88 [ - الكليني : محمّد بن الحسين ، عن صالح بن حمزة ، عن فتح بن عبد اللّه مولى بني هاشم ، قال : كتبت إلى أبي إبراهيم ( عليه السلام ) : أسأله عن شئ من التوحيد ؟ فكتب إليّ بخطّه ( 1 ) : الحمد للّه الملهم عباده حمده ، وفاطرهم على معرفة ربوبيّته ، الدالّ على وجوده بخلقه ، وبحدوث خلقه على أزله ، وباشتباههم على أن لا شبه له ، المستشهد بآياته على قدرته ، الممتنعة من الصفات ذاته ، ومن الأبصار رؤيته ، ومن الأوهام الإحاطة به ، لا أمد لكونه ، ولا غاية لبقائه ، لا تشمله المشاعر ، ولا تحجبه الحجب ، والحجاب بينه وبين خلقه ، خلقه إيّاهم لامتناعه ممّا يمكن في ذواتهم ، ولإمكان ممّا يمتنع منه ، ولافتراق الصانع من المسموع ، والحادّ من المحدود ، والربّ من المربوب ، الواحد بلا تأويل عدد ، والخالق لا بمعنى حركة ، والبصير لا بأداة ، والسميع لا بتفريق آلة ، والشاهد لا بمماسّة ، والباطن لا باجتنان ، والظاهر البائن لا بتراخي مسافة ، أزله نُهية لمجاول الأفكار ، ودوامه ردع لطامحات العقول ، قد حسر كنهه نوافذ الأبصار ، وقمع وجوده جوائل الأوهام . أوّل الديانة به معرفته ، وكمال معرفته توحيده ، وكمال توحيده نفي الصفات عنه ، بشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة الموصوف أنّه غير الصفة ، وشهادتهما جميعاً بالتثنية الممتنع منه الأزل ، فمن وصف اللّه فقد حدّه ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن عدّه فقد أبطل أزله . ومن قال : كيف ؟ فقد استوصفه ، ومن قال : فيم ؟ فقد ضمّنه ، ومن قال : عَلامَ ؟ فقد جهله ، ومن قال : أين ؟ فقد أخلا منه ، ومن قال : ما هو ؟ فقد نعته ، ومن قال : إلامَ ؟ فقد غاياه . عالم إذ لا معلوم ، وخالق إذ لا مخلوق ، وربّ إذ لا مربوب ، وكذلك يوصف ربّنا ، وفوق ما يصفه الواصفون . ( 2 )
1 - أشار الكليني إلى بعض الحديث ، وأوردناه بتمامه من سابقه . 2 - الكافي : 1 / 140 ح 6 ، بحار الأنوار : 57 / 166 ح 106 ، الوافي : 1 / 438 ح 358 .