في بيان حكم الوضوء على وفق الجماعة تقيّة : 80 / ] 80 [ - الشيخ المفيد : روى محمّد بن إسماعيل ، عن محمّد بن الفضل ، قال : اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء ، أهو من الأصابع إلى الكعبين ، أم من الكعبين إلى الأصابع ؟ فكتب عليّ بن يقطين إلى أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) : جعلت فداك ! أنّ أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين ، فإن رأيت أن تكتب إليّ بخطّك ما يكون عملي عليه ، فعلت إن شاء اللّه تعالى . فكتب إليه أبو الحسن ( عليه السلام ) : فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تمضمض ثلاثاً ، وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً ، وتخلّل شعر لحيتك ، وتغسل يدك من أصابعك إلى المرفقين ، وتمسح رأسك كلّه ، وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ، ولا تخالف ذلك إلى غيره . فلمّا وصل الكتاب إلى عليّ بن يقطين تعجّب ممّا رسم له فيه ، ممّا أجمع العصابة على خلافه ، ثمّ قال : مولاي أعلم بما قال ، وأنا ممتثل أمره ، فكان يعمل في وضوئه على هذا الحدّ ، ويخالف ما عليه جميع الشيعة ، امتثالاً لأمر أبي الحسن ( عليه السلام ) ، وسعي بعليّ بن يقطين إلى الرشيد ، وقيل له : إنّه رافضيّ ، مخالف لك ، فقال الرشيد لبعض خاصّته : قد كثر عندي القول في عليّ بن يقطين ، والقرف ( 1 ) له بخلافنا ، وميله إلى الرفض ، ولست أرى في خدمته لي تقصيراً ، وقد امتحنته مراراً فما ظهرت منه على ما يقرف به ، وأحبّ أن أستبرئ أمره من حيث لا يشعر بذلك ، فيحترز منّى . فقيل له : إنّ الرافضة يا أمير المؤمنين ! تخالف الجماعة في الوضوء ، فتخفّفه ولا ترى غسل الرجلين ، فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه . فقال : أجل ، إنّ هذا الوجه يظهر به أمره ، ثمّ تركه مدّة ، وناطه بشئ من الشغل في الدار حتّى دخل وقت الصلاة ، وكان عليّ بن يقطين يخلو إلى حجرة في الدار لوضوئه وصلاته ، فلمّا دخل
1 - قَرَف فلاناً : عابَه ، أو اتّهَمَه . القاموس المحيط : 3 / 266 .