المقدّمة ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) المقدّمة : الحمد للّه ربّ العالمين ، الذي هدانا إلى سواء السبيل ، وأنزل الفرقان على عبده بشيراً ونذيراً للعالمين ، حمداً دائماً سرمداً خالصاً . والصلاة والسلام على أشرف خلقه وأفضل بريّته ، سيّد رسله ، محمّد المصطفى وحبيبه المجتبى ، منقذ الأُمم من الجهالة وحيرة الضلالة ، الذي أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ; وعلى أهل بيته الطيّبين وأوصيائه الطاهرين المعصومين المنتجبين ، الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ; والذين من والاهم وتمسّك بهم نجى ، ومن تخلّف عنهم وعاداهم هلك ، وسيصلى سعيراً . واللعنة الدائمة الماحقة لأعدائهم أجمعين . أمّا بعد ، فقد وفقّني اللّه جلّ جلاله بحمده ومنّه على أن أجعل جُلّ أعمالي العلميّة في نشر علوم أهل بيت العصمة والطهارة عليهم صلوات اللّه وصلوات رسله وملائكته ، فبهم أتوسّل ، وهم شفعائي عند ربّي الرحيم الودود . لا ريب أنّ الكتابة بعد الكلام والتكلّم مشافهةً ، أمر راجح يستقلّ به العقل ، وانعقد على أهمّيته وفضله اتّفاق آراء عقلاء البشر ، لأنّ ها بعد المكالمة حضوراً ومشافهة ، من أبرز معالم الحضارة البشريّة ، وأيضاً بها يتمّ نقل أفكارهم وأفكار الأمم السالفة إلى الأجيال المتعاقبة ، وأشار إلى أهمّيّتها الشارع المقدّس بنصوص من القرآن الكريم ، كما ورد فيه لفظ " كتاب " في مائتين واثنين وستّين موضعاً ، وأكثرها من مادّة " كتب " المستعملة في القرآن ، وكان المراد منها الكتابة بالقلم . ولا ريب في أنّ احتواء القرآن على هذه الألفاظ بهذه الكثرة ، يكشف عن منزلة رفيعة للكتابة عند اللّه عزّ وجلّ ، مع ما رواه شيخ الصدوق ( رحمه الله ) بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا ( عليهما السلام ) ، قال : إنّ أوّل ما خلق اللّه تعالى ليعرف به خلقه الكتابة ، الحروف