وبما أنّه لا يمكن للأرض أن تبقى من دون حجّة لذا انتقلت الإمامة بعد شهادة الإمام عليّ ( عليه السلام ) إلى ابنه الحسن ( عليه السلام ) ليقوم بقيادة سفينة الاُمّة التي كانت تسير في بحر هائج ، وكانت قيادة الإمام الحسن ( عليه السلام ) في وقت كان فيه معاوية قد سيطر على بلاد الشام لسنوات طويلة ، وكان معه كل أولئك المعاندين ، والّذين هربوا من الحقّ ، والّذين امتلئت بطونهم بالحرام ، وكذلك الّذين نهبوا بيت المال ، وهربوا من العدالة ، ويمكننا أن نعبر عن هؤلاء ومن نهج نهجهم في جملة واحدة وهي : إنهم كانوا أهل الباطل . وقد كان الإمام الحسن ( عليه السلام ) يواجه جبهتين : الأولى هم أعداؤه الّذين تقدم ذكرهم ، والجبهة الثانية : هم أصحابه الّذين فقدوا الاستقامة والمساعدة له ، كما هو واضح من خطابه إلى أهل الكوفة حيث يقول : " قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي " ( 1 ) . ولقد وصلت مظلوميّة الإمام الحسن ( عليه السلام ) إلى حدّ تجرأ بعض قادة جيشه و هرب إلى معاوية ، وتجرأ البعض الآخر من قادته بالهجوم على خيمته وسحبوا مصلاه من تحته ، وجرّوه من قميصه وجرحوه . وفي هذه الموسوعة ذكرنا جانباً من هذه الواقعة المؤلمة الّتي جرت على هذا الإمام المظلوم ( عليه السلام ) . وفي مثل هذه الظروف لم تكن لدى الإمام الحسن ( عليه السلام ) أيّة وسيلة إلاّ قبول الصلح . ومع ذلك فقد كان بشروط لو نفذها معاوية لكان انتصاراً للإمام الحسن ( عليه السلام ) . وهكذا كانت مواقف أولئك الذين أظهروا الإسلام على ألسنتهم وأبطنوا الكفر وهم للعهد ناقضون . واستطاع الإمام الحسن ( عليه السلام ) بهذه السياسة والتدبير العقلائي وفي تلك الظروف الحسّاسة أن يحافظ على بيضة الإسلام ، وفشل الّذين كانوا يريدون هدم الإسلام