عبد المطّلب لتدّعون أمراً عظيماً وتحتجّون بحجّة قويّة ، فإن كانت حقّاً فإنّكم لتصبرون على أمر وتسترونه ، والنّاس في غفلة وعمى ، ولئن كان ما تقولون حقّاً لقد هلكت الأمّة ، ورجعت عن دينها ، وكفرت بربّها وجحدت نبيّها إلاّ أنتم أهل البيت ومن قال بقولكم ، فأولئك قليل في النّاس . فأقبل ابن عبّاس على معاوية فقال : قال الله : ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَّ الشَّكُور ) ( 1 ) وقال : ( وَقَلِيلٌ مَا هُمْ ) ( 2 ) وما تعجّب [ تتعجّب ] منّي يا معاوية أعجب من بني إسرائيل إنّ السّحرة قالوا لفرعون ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضِ ) ( 3 ) فآمنوا بموسى وصدّقوه ثمّ سار بهم ومن اتّبعهم من بني إسرائيل فأقطعهم البحر ، وأراهم العجائب ، وهم مصدّقون بموسى وبالتّوراة يقرّون له بدينه ، ثمّ مرّوا بأصنام تعبد ، فقالوا : ( اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) ( 4 ) وعكفوا على العجل جميعاً غير هارون فقالوا : ( هَذا إلَهَكُمْ وَإلهِ مُوسَى ) ( 5 ) وقال لهم موسى بعد ذلك ( ادْخُلُوا الأَرَضَ الْمُقَدَّسَة ) ( 6 ) فكان من جوابهم ما قصّ الله عزّوجلّ عليهم فقال موسى ( عليه السلام ) : ( رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) ( 7 ) . فما اتّباع هذه الأمّة رجالاً سوّدوهم وأطاعوهم ، لهم سوابق مع رسول الله
1 - سبأ : 13 . 2 - ص : 24 . 3 - المصدر السابق . 4 - الأعراف : 138 . 5 - طه : 88 . 6 - المصدر السابق . 7 - المائدة : 25 .