وعلى ضوء هذه المكارم العشرة المطهرة إذا أردنا أن نبحث عن صفات الحبر ابن عباس ( رضي الله عنه ) ومكارم أخلاقه ، فإنا نجد أنّ نصيبه منها هو الحظ الأوفر . ولمّا كان ذكر الشواهد عليها استباق لما يأتي في غضون سيرته ، فسنكتفي هنا بايراد طائفة من أقواله ، فهي تحكي عن غرّ أفعاله ، فإنّ المرء مخبوٌّ تحت طيّ لسانه لا طيلسانه ، وكما قال الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( المرء مخبوءٌ تحت لسانه ) [1] . 1 - أمّا عن العقل : فقد قال ( رضي الله عنه ) : « أساس الدين بني على العقل ، وفرضت الفرائض على العقل ، وربّنا يُعرف بالعقل ، ويتوسل إليه بالعقل ، والعاقل أقرب إلى ربه من جميع المجتهدين بغير عقل ، ولمثقال ذرة من برّ العاقل أفضل من جهاد الجاهل ألف عام » [2] . وقال : « مجالسة العقلاء تزيد الشرف » [3] . وقال : « مجامعة العاقل في الغل والوثاق ، خير من مجامعة الجاهل على السندس والإستبرق » [4] . 2 - وأمّا عن الدين : فقد قال ( رضي الله عنه ) : « ملاك أمركم الدين ، وزينتكم العلم ، وحصون أعراضكم الأدب ، وعزّكم الحلم ، وحليتكم الوفاء » [5] . وقال وهو يوصي بعضهم : « عليك بالفرائض وما وظّف الله تعالى عليك من حقه ، وأستعن بالله على ذلك ، فإنه لا يعلم من عبدٍ صدق نيّة وحرصاً فيما عنده من حسن ثوابه إلا أخّره عما يكره ، وهو الملك يصنع ما يشاء » [6] .
[1] شرح نهج البلاغة لمحمد عبده 3 / 189 الحكمة 148 . [2] روضة الواعظين / 9 . [3] سراج الملوك للطرطوشي / 135 . [4] غرر الخصائص الواضحة للوطواط / 95 ط سنة 1299 ه بمصر ، مشكاة الأدب 1 / 914 . [5] مجمع الأمثال 2 / 455 تح - . محي الدين ط دار الفكر ، جمهرة خطب العرب 1 / 271 . [6] حلية الأولياء 1 / 326 .