ومن ألقابه : ( حبر العرب ) ويقال : إنّ أول من لقّبه به هو جرجير ملك المغرب بأفريقية ، وسيأتي تفصيل ذلك في حضور الحبر غزاة أفريقية . وقد جرى عليه هذا اللقب حتى كان أخص تلامذته يعبر به عنه أحياناً . فقد أخرج البخاري في صحيحه بسنده عن سعيد بن جبير قال : « سألني يهودي من الحيرة أيّ الأجلين قضى موسى ( عليه السلام ) ؟ قلت : لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله ، فقدمت فسألت ابن عباس ، فقال : قضى أكثرهما و أطيبهما ، إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إذا قال فعل » [1] . وقال الجاحظ : « وكان يُسمّى البحر وحبر قريش » [2] . وقد اختلف اللغويون في ضبط ( الحبر ) فقال بعضهم : بالكسر : حِبر ، وقال بعضهم : بالفتح : حَبر ، ومهما كان اختلافهم فإنهم لا يختلفون في أنّه الرجل العالم . قال أبو عبيد : « والذي عندي إنه الحَبر : بالفتح ، ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه ، وقال : وهكذا يرويه المحدثون كلهم بالفتح » [3] . ومن ألقابه ( ترجمان القرآن ) وهو أشرف ألقابه نسبة وأفضلها معنى ، وثانيها شهرة ، وإن صح ما رواه بعض المؤرخين من « إنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سماه به أيضاً يوم مولده في الشعب » [4] فإنّ ذلك يضفي عليه نوعاً من القداسة ، لأنّ تسمية الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إن صحت ، لا تخلو من نبوءة وفراسة .
[1] صحيح البخاري 3 / 181 . [2] البيان والتبيين 1 / 331 . [3] تاج العروس 3 / 117 ( حبر ) . [4] أخرجه الديار بكري في تاريخ الخميس 1 / 167 نقلاً عن الطائي .