فقد اعترف لابن عباس حبر الأمة - في حديث بينهما حول الإمام والخلافة - : « ولقد أراد - رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) - في أنّ يصرّح باسمه - يعني عليّاً - فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإسلام » . وقال مرة أخرى في محاورة بينهما في الموضوع نفسه : « إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أراد ذلك وأراد الله غيره فنفذ مراد الله ولم ينفذ مراد رسوله » ؟ ! وقال في مرة ثالثة : « لقد كان من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ذرواً من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذراً » . إلى آخر ما هنالك من اعترافات خطيرة ذكرناها هناك فليرجع إليها من شاء . والّذي يلفت النظر في القراءة الخلدونية التصريح بأنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هو الّذي عيّن قبره في بيته فقال : ( دعوني على سريري في بيتي على شفير قبري ) ، فهو لم يترك ذلك مجهولاً حتى يحار أهل البيت في مكان دفنه فينقذهم من الحيرة أبو بكر بتعيين المكان كما يحلو رواية ذلك للبكريين ، كما إنّ في تصريحه ذلك أيضاً نفي لمن زعم أنّ البيت هو لعائشة بل هو بيت النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وإنما لها حجرتها فيه . ومهما قيل عن فهم ابن خلدون في الاجتماع وفلسفة التاريخ فهو غير بارع في التحوير ، ولا أمين في العرض كما رأيناه فيما مرّ من خلط عنده وخبط ممّا لا يخفى على القارئ النبيه . وإن لم يكن هو بدعاً في ذلك فقد رأينا قبله من وافق ابن خلدون في هواه ، ومن بعده من شايعه على دعواه ، وذلك هو الشهاب الخفاجي الّذي بهت الشيعة كما بهتهم ابن خلدون ، فقال : « وقد ادعى الرافضة أنّ الكتاب