- ثمّ ختم ابن الحديد ذلك بقوله : - والأشعار الّتي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جداً ، ولكنا ذكرنا منها ههنا بعض ما قيل في هذين الحربين - يعني الجمل وصفين - فأما ما عداهما فإنه يجلّ عن الحصر ، ويعظم عن الإحصاء والعدّ : ولولا خوف الملالة والإضجار ، لذكرنا من ذلك ما يملأ أوراقاً كثيرة . . . اه - » [1] . ولنعم ما استدل به عبد الرزاق الصنعاني صاحب المصنف فقد ذكر فيه بسنده عن معمر عن قتادة أنّ عليّاً قضى عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أشياء بعد وفاته كان عامتها عِدَة . قال : حسبت أنّه قال خمس مائة ألف . قال عبد الرزاق : يعني دراهم . قلنا لعبد الرزاق وكيف قضى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأوصى إليه النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بذلك ؟ قال : نعم لا أشك أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أوصى إلى عليّ ، فلولا ذلك ما تركوه أن يقضي [2] . فبعد هذا كيف يستنكر ابن خلدون ما تدّعيه الشيعة من وصية النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لعليّ ( عليه السلام ) وما دام هو نفسه اعترف بأنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أمر بإحضار دواة وقرطاس ليكتب لأمته كتاباً لن يضلوا بعده أبداً ، واعترف أيضاً بأنّ عمر هو الّذي منع ، واعترف بأنّ بعضهم - المانعين - قال : ( إنّه يهجر ) . ولم يكن ذلك إلاّ عمر . فما دام ابن خلدون اعترف بجميع ذلك عليه أن يذعن بصحة ما تدعيه الشيعة ، لأن ذلك ورد في اعترافات عمر ، كما ذكرنا في ( عمريون أكثر من عمر ) .
[1] شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 47 ط الأولى بمصر . وقد ترجم المرحوم السيد هاشم البحراني في كتابه التحفة البهية طائفة من أقوال قدماء الشعراء المتضمنة انّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وصي النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فناهزت التسعين ، وما فاته منهم ومن أشعار المحدّثين أضعاف ذلك . [2] أنظر المصنف لعبد الرزاق 7 / 294 .