ثمّ ما رأي السيوطي في قول عمر في خطبته : « لا يبقين أحد عنده كتاباً إلاّ أتاني به فأرى فيه رأيي » ، فظنوا أنّه يريد النظر فيها ليقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار [1] . كما بعث إلى الأمصار يأمرهم : من كان عنده شيء فليمحه ؟ [2] . فيا هل ترى من هو الّذي أنكر الاحتجاج بالسنّة ؟ ذلك الرافضي المنكود حظه ؟ أم هو عمر بن الخطاب المشهود رفضه ؟ ثمّ هل من حقّنا ان نسأل السيوطي عن حكمه هل هو مخصوص بذلك الرافضي ؟ أم هو عام لكل من أنكر الاحتجاج بالسنّة ؟ وهل يرضى أن يحكم به على عمر ؟ وهل يرضى بذلك علماء التبرير وهو منهم ؟ ثمّ ما باله وهو من أهل السنّة ، وما دام غيوراً على السنّة ، يستنكر ما قاله الرافضي الّذي حامى عن حريم السنّة بأن لا تشوبها شوائب الكذابين ، بل كان الأولى أن يدعو له ويستغفر له ، فهو يريد حماية السنّة لا عدم الاحتجاج بها ونبذها كمن قال : « حسبنا كتاب الله وعندكم القرآن » ، بالله لقد صحّ المثل السائر : ( رمتني بدائها وانسلّت ) ، وما علينا الآن إلاّ أن نقول للسيوطي رضينا بك حَكَماً بيننا وبينك ورضينا بحكمك على كلّ من قال بعدم الاحتجاج بالسنّة من الأولين والآخرين من أيّ فرق المسلمين . ويكفينا في إدانة السيوطي كتابه : ( اللألئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ) لماذا كتبه ؟ أليس لتخليص السنّة من الشوائب . إذن فقول الرافضي بعرض السنّة على الكتاب خير ميزان وليس فيه عين ، وكتابه المذكور لم يخلّص
[1] طبقات ابن سعد 5 / 188 ، وتقييد العلم للخطيب البغدادي . [2] جامع بيان العلم لابن عبد البر .