ولا خلاف بين المسلمين أنّ من ردّ عليه قوله بعد موته كان مرتداً ، فكيف الحال بمن ردّ عليه في حياته ! ولا خلاف بين المسلمين أنّ الله سبحانه قال في كتابه : * ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النبيّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) * [1] . ولا خلاف بين المسلمين أنّ الله سبحانه قال في كتابه : * ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إليه تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) * [2] . ومهما كان حسن النيّة وسلامة الطويّة عند بعضهم ، فهو ما دام ضالعاً مع المعارضة ، يعني أنّه رادّ على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أمره ، و مشاقق له في دعوته عن سبق إصرار وعمد ، فهل ذلك إلاّ التردي في ضلالة الهوى ، ومردٍ لغيره فيها أيضاً . ويبقى العجب آخذاً بالألباب كيف يكون عمر هو رأس المعارضة ، ومنه تبدر جفوة الكلمة ، ويبقى هو المسيطر على الموقف المعلَن ! ؟ وهو هو في صحبته وسابقته ، وهو هو الّذي كان إلى الأمس القريب يقول للنبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « رضيت بالله ربّاً وبالإسلام ديناً ، وبك رسولاً » [3] . فقد أخرج أبو يعلى وغيره عن عمر وغيره : « قال عمر : انطلقت أنا فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ثمّ جئت به في أديم - جلد - فقال لي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) :
[1] الحجرات / 2 . [2] الأنفال / 24 - 25 . [3] مجمع الزوائد 1 / 173 ، وستأتي مصادر أخرى .