الحصى ويقول : الرزية كلّ الرزية - وهي فعلاً الرزية وكلّ الرزية - ما حال بين رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب . كما تقرأ في حروف تلك الحصيلة حقيقة حيّة حسية ليست قابلة للإنكار ، وهي أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أراد الخير لأمته بأن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً ، وأنّ عمر لم يرد ذلك فمنع منه . ولا تفسير لذلك الحدث المشؤوم في ذلك اليوم الكالح العبوس ، غير ما رسمته تلكم الروايات بشتى صورها ، وتعدد رواتها ، واختلاف أصحابها وكتّابها . وإن كان ما أحيط بها من ضباب كثيف في التضليل على واقع الحدث والحديث شخوصاً ، وزماناً ومكاناً ، شوّش على السذّج من القراء ، فساءت عندهم الرؤية لبعدهم عنها زماناً ومكاناً أيضاً . فكادت غياهب المتاهات تلفّهم ، وشكوك الإرتياب تتقاذفهم . لكن من أوتي حظاً من النباهة والفطنة ، لا يشوّشه ذلك بل يدهشه ، ويبقى خائراً حائراً بين عظمة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وعصمته ، وبين مجابهة عمر وشدّته . وبالتالي يبقى مفكراً في اختلاف مواقف الحضور من أهل البيت ومن الصحابة ، كيف انقسموا على أنفسهم ، ونبيّهم بعدُ بين ظهرانيّهم ، فمنهم أنصار ومنهم معارضة ؟ مع شدّة الجرأة على النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بإعلان ردّ أمره وهو في تلك الحال الّتي سيفارقهم عليها عما قريب . أما كانت اللياقة تقضي أن يُمتثل أمره ويُسارع في تنفيذه ! لكنّهم - المعارضة - أكثروا اللغط والاختلاف ، فطردهم من بيته ساخطاً عليهم .