كذبوا ؟ قال : صدَقوا رَمَل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وكذبوا ليس بسنّة ، إنّ قريشاً قالت زمن الحديبية ، دعوا محمداً وأصحابه حتى يموتوا موت النغف [1] فلمّا صالحوه على أن يحجوا من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام ، فقدم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) والمشركون من قبل قيقعان [2] فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لأصحابه : أرملوا بالبيت ثلاثاً . وليس بسنّة . قلت : يزعم قومك انّ رسول الله طاف بين الصفا والمروة على بعير ، وأن ذلك سنّة ؟ قال : صدقوا وكذبوا . قلت : ما صدقوا وما كذبوا ؟ قال : صدقوا قد طاف رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بين الصفا والمروة على بعير ، وكذبوا ليس بسنّة ، كان الناس لا يُدفعون عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ولا يُصرفون عنه ، فطاف على بعير ليسمعوا كلامه وليروا مكانه ، ولا تناله أيديهم . قلت : أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكباً أسنّة هو ؟ فإن قومك يزعمون أنّه سنة . قال : انّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كثر عليه الناس يقولون هذا محمّد هذا محمّد ، حتى خرج العواتق من البيوت وكان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لا يُضرب الناس بين يديه ، فلمّا كثر عليه الناس ركب . قال ابن عباس : والمشي والسعي أفضل » [3] .
[1] النغف : الدود ، وهو مثل يضرب للمستحقَر . [2] قيقعان : جبل مشرف على مكة من جهة الثنية السفلى الّتي بني عليها باب مكة المعروف بباب الشبيكة وهو ممتد من حارة الباب إلى الشامية ( شفاء الغرام للفاسي / 277 متناً وهامشاً ) ط سنة 1956 بمصر . [3] السيرة النبوية 4 / 324 - 325 .