استخرج - وصارت له ولأصحابه . فأكتم عني فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك فهو والله على ما تحب ، ووفى العباس بشرطه . ولمّا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له وتخلّق وأخذ عصاه ثم خرج فأتى الكعبة فطاف بها ، فلمّا رأوه قالوا : يا أبا الفضل هذا والله التجلد لحرّ المصيبة ، قال : كلا والله الذي حلفتم به لقد افتتح خيبر وتُرك عروساً على ابنة ملكهم واحرز أموالهم وما فيها فأصبحت له ولأصحابه ، قالوا : من جاءك بهذا الخبر ؟ قال : الذي جاءكم بما جاءكم به ، وهكذا تبدل الغم في الهاشميين جميعاً بل والمسلمين إلى فرح . ومن الطبيعي أن يشهد ذلك كله حبر الأمة عبد الله بن عباس ويشاركهم أفراحهم ، ولعل هذا آخر حَدَث أدركه ووعاه بمكة قبل هجرته مع أبيه إلى المدينة والى هنا ننهي حديثنا عن نشأته في مكة . ولنبدأ معه مسيرتنا في الحديث عنه من هجرته مع أبيه وأهل بيته ، وذلك عام الفتح في السنة الثامنة من الهجرة النبوية ، وكان عمره يومئذ إحدى عشرة سنة وسوف نقرأ عنه بعض مشاهداته . ولكن لا بد لنا قبل ذلك معرفة شيء من تاريخ أبويه . ما دام الولد سر أبيه وفطيم أمه . وعامل الوراثة له في تكوين الشخصية أبلغ الأثر ، فهو يورث الولد الخصائص الروحية كما يورثه الصفات الجسمية ، وابن عباس قد ورث من أبويه الخصائص والخصال ، فإلى معرفة الأبوين :