قد عرف باستعداد قريش لمحاربة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) انتقاماً لما أصابهم ببدر من القتل والأسر ، وعرف بما كتب به أبوه إلى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يخبره بذلك . ولا شك أنه رأى بعض مظاهر قريش عند خروجهم إلى محاربة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ولا شك أنه حزن لمّا رأى ذلك ، كما أنه ازداد حزناً حين جاء الخبر بانتصارهم في موقعة أحد ومقتل عمه الحمزة أسد الله وأسد رسوله ، ومن الطبيعي كلما ازداد سنه ازداد وعيه بمجريات الأحداث ، فهو يسمع ما تتناقله الأخبار عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وغزواته ، ويزداد ابتهاجاً بانتصاراته . فمن غزوة بني النضير إلى ذات الرقاع إلى بني المصطلق إلى غزوة الخندق التي كان نصرها المؤزر على يد بطلها المظفر هو ابن عمه الإمام عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) ولولاه لما قام للإسلام عمود ولا اخضَرَّ له عود وحسبه ما بلغه من قول النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( برز الإيمان كله إلى الشرك كله ) ، وقوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( ضربة على يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين ) إلى غزوة بني قريضة إلى غزوة الحديبية ، وأظن أنه كان يحلم عند سماعه الخبر برؤية ابن عمه نبي الهدى ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وهو يدخل مكة معتمراً وكاد أن يتحقق ذلك لولا مهادنة قريش له على العام القادم . ولئن اغتم لذلك فقد جاءه ما زاد غمه وهو خبر الحجاج بن علاط السلمي - وهذا هو زوج خالته عزة - الذي دخل مكة بعد غزوة خيبر فأشاع انتصار اليهود على المسلمين واستحث قريشاً على جمع ديونه ليرجع عجلاً فيشتري بعض الغنائم من اليهود . وسمع العباس الخبر وساءه كذلك ، فأراد أن يستوثق من الحجاج بنفسه فلقيه وسأله ، فاستكتمه إن هو أخبره بالصحيح ، فضمن له ذلك فقال له : فإني والله تركت ابن أخيك عروساً على بنت ملكهم . يعني صفية بنت حي بن أخطب . ولقد افتتح خيبر وأنتشل ما فيها - أي