أو مضاربين أو حماة لما يمرّ بأرضهم من التجارة في طريقها إلى الشام أو اليمن ، فهم برحلتي الشتاء والصيف يُغيّرون طابع حياتهم . ومكة نفسها وقعت في دائرة التنازع الدولي الذي كان قائماً بين الإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية البيزنطية ، وقد بذلت محاولات من جانب الأحباش والبيزنطيين للسيطرة عليها ، لكن رجال مكة - الحريصين على الحياد - عارضوا كل تدخل في شؤونهم واستطاعوا أن يتعاملوا مع رجال الدولة من الفرس والروم على السواء ، كما كانوا يحذقون التعامل مع الأعراب من أهل البادية [1] . وقد دخلت مكة في طور النظام الاجتماعي بعد أن مرت بطور من الاضطراب والرحلات والغزوات والقتال على السيادة [2] . نبوغ قصي في مكة : وتاريخ مكة الحقيقي يبدأ من أيام قصي بن كلاب بن مرة القرشي الذي تولى أمر مكة حوالي منتصف القرن الخامس الميلادي ، وبحكم قصيّ استقرت قبيلة قريش في مكة ، ونهضت بها ، وجعلت منها مدينة ذات مركز اقتصادي
[1] دور الحجاز في الحياة السياسية العامة في القرنين الأول والثاني للهجرة / 15 ط الأولى 1968 ، دار الفكر العربي د . أحمد إبراهيم الشريف . [2] أنظر سيرة ابن هشام 1 / 123 - 130 ، تاريخ اليعقوبي 1 / 181 - 198 ، تاريخ الطبري 2 / 255 - 286 ، البداية والنهاية 2 / 185 - 190 .