فنسبة الهجر إلى النبيّ المعصوم إقدامٌ جريء ، مع إساءة أدب مع النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ومساس بشخصه الكريم ، وأجرأ من ذلك دعواه في كلمته الأخرى « وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله » ، ولنستذكر ما مرّ من أقوال علماء التبرير الّذين رأوا في هذه الكلمة دليلاً على فقاهة عمر بل وأفقهيته على ابن عباس ، حيث اكتفى بالقرآن ولم يكتف ابن عباس به ( ؟ ! ) وهذا ما مرّ عن ابن بطال والنووي وغيرهما فراجع . فقد بيّنا هناك من هو الأفقه منهما بحجج لا يقوى زوامل الأسفار على حملها فضلاً عن ردّها . والآن فلنعد إلى تفسير كلمته « حسبنا كتاب الله » وما تعنيه من دلالة ظاهرة وما تخفي من معنى اشتملت عليه ، وماذا أراد عمر بقوله : « وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله » : ماذا أراد عمر بقوله : « حسبنا كتاب الله » ؟ ليس في قوله : « حسبنا » أيّ غموض لغوي ، ولا أشتراك لفظي ، ومعناه كفانا ، و ( حَسبَ ) اسم معنى لا اسم فعل ، بدليل زيادة الباء عليه في قولهم بحسبك درهم ، وهكذا قول الداعي حسبي الله ، أي كفاني دون غيره ، كما يصح أن يقول ( بحسبي ) أي كفاني ، هذا من ناحية المعنى في اللغة العربية . إذن ماذا أراد عمر غير ذلك ؟ وهل وراء ذلك مراد لعمر ؟ نعم إنّه الكناية عن الاستغناء بالقرآن دون عديله ، وما عسى ذلك الرفض إلاّ لمن عيّنه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في حديث الثقلين ، وهم العترة ، الّذين هم الثقل الأصغر ، وهو الآخر الّذي يأباه عمر فاستبعده جاهداً ، وفرض الاستغناء بالقرآن وحده فقال : « وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله » . وذلك ما دلّ عليه معنى ( حسبنا ) أي كفانا ، وإن قيل ما الدليل على انّ ذلك مراد عمر ؟