وقفة مع ابن حزم : من المضحك - وشر البلية ما يضحك - أن يكون مثل ابن حزم المتحرر من كثير الرواسب المقيتة عند قومه ، وهو ينعى عليهم التقليد ، ويعترف صريحاً بما هو الصحيح في أنّ قول عمر إنّما هو زلة العالم الّتي حُذّر الناس منها قديماً ، ثمّ هو يكبو كبوة يقع فيها لوجهه حين يحسب أنّه زالت عنه دياجي الظلماء أن كشف له الغطاء بوجدانه حديث عائشة المزعوم ، ولقد أغرب كثيراً حين زعم أنّ ذلك نص على خلافة أبي بكر ، فقد قال في كتابه الفِصَل : « فهذا نص جليّ على استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بكر على ولاية الأمة بعده » [1] . وكأنّه نسي أو تناسى بأنّ أبا بكر وقومه ، ومن أتى بعده كلّهم لم يقولوا بالنص في أمر الخلافة ، وإنّما قالوا بالاختيار ، وما دعاهم إلى ذلك إلاّ الاضطرار ، حيث لا نص ثابت عندهم . وربما يفاجأ القارئ إذا وجد ابن حزم في كتابه جوامع السيرة يدين عملية المنع من إحضار الدواة والكتف فيقول : « فلمّا كان يوم الخميس - قبل موته ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بأربع ليالِ - اجتمع عنده جمع من الصحابة فقال ( عليه السلام ) : ( أئتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي ) ، فقال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) كلمة أراد بها الخير ، فكانت سبباً لامتناعه من ذلك الكتاب فقال : إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد غلب عليه الوجع ، وعندنا كتاب الله ، وحسبنا كتاب الله . وساعده قوم حتى قالوا : أهجر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وقال آخرون : أجيبوا بالكتف والدواة يكتب لكم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كتاباً لا تضلون بعده ، فساء ذلك رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأمرهم بالخروج من عنده ؟ فالرزية كلّ الرزية ما حال بينه وبين ذلك الكتاب ، إلاّ أنّه لا شك لو كان من