السمين ، والتافه من الثمين ، وإن استوجب ذلك منه الأناة ، بل البطء في المسيرة . حتى يتوصل إلى النتائج المرجوّة القريبة من تصوير واقع الحَدَث إن لم تكن هي الواقع بعينه ، وعلى ضوء تلك النتائج سيعلم فلسفة كثير من الأحداث التاريخية الّتي توالت بعد ذلك الحَدَث . والآن هلمّ بنا لننظر إلى حديث الرزية كلّ الرزية ، هل يستحق منا أن نقف عنده هكذا طويلاً ، ونقرأه ملياً ، ونستجلي فيه ما تضمّه الكلمات ، دون إسراف في التفسير ، أو تحميل اللفظ ما لا يعنيه في التعبير ؟ أو نمرّ عليه كحَدَث عابر ، حدث في الغابر ، ورواه لنا الرواة ، وفيه إسراف وفيه مغالاة ؟ لا أظن إنساناً واعياً لديه مسكة من دين ، وأثارة من علم يرضى بأن تمرّ روايات هذا الحديث كما تمر روايات العابثين ، في أقاصيص الأغاني وحكايات ألف ليلة وليلة ، وحتى تلكم فقد أوليت من العناية قدر ما تستحق . وقفة عند الحديث : لابدّ لنا من وقفة عند ذلك الحَدَث والحديث ، لأنّه كان بداية تحوّل في تاريخ المسلمين ، أسهم صنّاعه في زرع الفتنة والشقاق ، فكان بمثابة رأس الحربة في إعلان تمرّد من بعض المسلمين على الإسلام ونبيّه . ولا زالت الأمة تعاني من آثار ذلك التمرد ، وتكتوي بناره ، وحتى في تمحيص أخباره . فبدلاً من أن تكون سيرة الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) هي المثلى يهتدي بها المسلمون ، ولهم في سنّته قولاً وعملاً وتقريراً خير معين لكن بعضهم وللأسف تغلبّت عليهم رواسب جُبلوا عليها ، ولم يقووا على التخلي عنها ، حتى كانوا يقولون