مجتهداً في أمر الله قريباً من رسول الله ، سيّداً في أولياء الله ، مشمّراً ناصحاً ، مجدّاً كادحاً لا تأخذه في الله لومة لائم ، وأنتم في رفاهيّة من العيش ، وادعون ( 1 ) فاكهون ( 2 ) آمنون ، تتربّصون بنا الدوائر ( 3 ) وتتوكفون الاخبار ( 4 ) وتنكصون عند النّزال ، وتفرّون من القتال .فلمّا اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ، ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسكة النّفاق ( 5 ) ، وسمل جلباب الدّين ( 6 ) ونطق كاظم الغاوين ( 7 ) ونبغ خامل الأقلّين ( 8 ) وهدر فنيق المبطلين ( 9 ) فخطر في عرصاتكم ( 10 ) واطّلع الشّيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم ( 11 ) فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللعزّة فيه ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً ، واحمشكم فألفاكم غضاباً ( 12 ) فوسمتم غير إبلكم ( 13 ) ووردتم غير مشربكم ( 14 ) .هذا والعهد قريب والكلم رحيب ( 15 ) والجرح لمّا يندمل ( 16 ) والرّسول لما يقبر ، ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وانّ جهنّم لمحيطة بالكافرين ، فهيهات منكم ، وكيف بكم ، وأنّي تؤفكون ! وكتاب الله بين أظهركم ، أموره ظاهرة
1 . وادعون : ساكنون . 2 . فاكهون : ناعمون . 3 . الدوائر : صروف الزمان ، اى كنتم تنتظرون نزول البلايا علينا . 4 . تتوقعون اخبار المصائب والفتن النازلة بنا . 5 . في بعض النسخ " حسيكة " وحسكة النفاق عداوته . 6 . وسمل جلباب الدين ، سمل : صار خلقاً ، والجلباب : الإزار . 7 . الكظوم : السكوت . 8 . الخامل : من خفى ذكره وكان ساقطاً لا نباهة له . 9 . الهدير : ترديد البعير صوته في حنجرته ، والفنيق : الفحل المكرم من الإبل الّذي لا يركب ولا يهان . 10 . خطر البعير بذنبه : إذا رفعه مرة بعد مرة وضرب به فخذيه 11 . مغرزه : اى ما يختفى فيه تشبيهاً له بالقنفذ فانّه يطلع رأسه بعد زوال الخوف . 12 . اى : حملكم على الغضب فوجدكم مغضبين لغضبه . 13 . الوسم : اثر الكي . 14 . الورود : حضور الماء للشرب . 15 . الكلم - بالضم - : الجرح ، والرحب - بالضم - : السعة . 16 . اى : لم يصلح بعد .