نام کتاب : موسوعة المصطفى والعترة ( ع ) نویسنده : الحاج حسين الشاكري جلد : 1 صفحه : 315
في التخفيف من غلواء هذه المدرسة ، وفي إحداث اتّجاه معارض لهذه المدرسة في الأوساط الفكرية وقتذاك ، كما مهدت لظهور مدارس معارضة لها منها ، مدرسة الحديث التي قامت في مقابل مدرسة الرأي ، كردّ فعل لما حصل لهذه المدرسة من تطرف في الأخذ بالرأي ، والإعراض عن الحديث . ولا يسعنا أن نضع حدوداً دقيقة لهذه المدرسة في قبال مدرسة الرأي ، ونصنّف المدارس الفقهية القائمة في ذلك الوقت على أساس من هذه الحدود إلى طائفتين ، ولكن من المؤكد أن مدرستي داود وأبي حنيفة تقعان على طرفي النقيض من هذا النزاع ، فقد نزع داود نزوعاً بيّناً إلى الحديث ، وأخذ نصوصه على ظاهرها . ونزع أبو حنيفة نزوعاً بيّناً إلى الرأي ، حتى نقل عنه خصومه ومناوؤه فيما ينقل عنه : لو كان رسول الله حياً لأخذ عني أشياء كثيرة [1] . وما بين هاتين المدرستين تقع سائر المدارس متوسطة بينهما كمذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل - وغيرها من المدارس والمذاهب التي كان للظروف السياسية دخل مباشر في بلورة وتكوين البعض منها - وعلى كل حال - كان يغلب على تلك المدارس طابع إحدى المدرستين من النزوع للرأي أو النزوع للحديث . فبينما يذهب الاتجاه الأول - مدرسة الرأي - إلى إدخال عنصر الرأي البشري في مصادر التشريع وإن لم يبلغ مرحلة القطع واليقين ، كانت مدرسة الحديث تذهب إلى اتجاه معاكس تماماً لا يقلّ خطورة عن الاتجاه الأول ، حيث كانت تتبنّى الجمود على النص والأخذ بظاهر الحديث أو الاقتصار على ظاهر النصوص الشرعية . فكان لابد من اتجاه ثالث في الاجتهاد يجمع بين إيجابيات هذه المدرسة وتلك ويتجنّب سلبيات كل من هاتين المدرستين [2] .
[1] تاريخ بغداد / الخطيب البغدادي 13 : 407 . [2] الاجتهاد والتقليد وسلطات الفقيه وصلاحياته / الشيخ محمد مهدي الآصفي : 62 - 82 .
315
نام کتاب : موسوعة المصطفى والعترة ( ع ) نویسنده : الحاج حسين الشاكري جلد : 1 صفحه : 315