نام کتاب : موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) في الكتاب والسنة والتاريخ نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 262
للنهوض ، وتخلّف آخرون . ولمّا أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الخروج استخلف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في أهله وولده وأزواجه ومهاجره ، وقال له : " يا عليّ ، إنّ المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك " ؛ وذلك أنّه ( عليه السلام ) علم من خبث نيّات الأعراب ، وكثير من أهل مكّة ومن حولها ممّن غزاهم وسفك دماءهم ، فأشفق أن يطلبوا المدينة عند نأيِه عنها وحصوله ببلاد الروم أو نحوها ، فمتى لم يكن فيها من يقوم مقامه ، لم يؤمن من مَعَرَّتهم [1] ، وإيقاع الفساد في دار هجرته ، والتخطّي إلى ما يشين أهله ومخلّفيه . وعلم ( عليه السلام ) أنّه لا يقوم مقامه في إرهاب العدوّ وحراسة دار الهجرة وحياطة من فيها إلاّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فاستخلفه استخلافاً ظاهراً ، ونصّ عليه بالإمامة من بعده نصّاً جليّاً . وذلك فيما تظاهرت به الرواية أنّ أهل النفاق لمّا علموا باستخلاف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عليّاً ( عليه السلام ) على المدينة حسدوه لذلك ، وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروجه ، وعلموا أنّها تنحرس به ، ولا يكون للعدوّ فيها مطمع ، فساءهم ذلك ، وكانوا يؤثرون خروجه معه ؛ لما يرجونه من وقوع الفساد والاختلاط عند نأي النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) عن المدينة ، وخلوّها من مرهوب مخوف يحرسها . وغبطوه ( عليه السلام ) على الرفاهيّة والدعة بمقامه في أهله ، وتكلُّف من خرج منهم المشاقّ بالسفر والخطر . فأرجفوا به ( عليه السلام ) ، وقالوا : لم يستخلفه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إكراماً له وإجلالاً ومودّة ، وإنّما خلّفه استثقالاً له . فبهتوه بهذا الإرجاف كبهت قريش للنبيّ ( صلى الله عليه وآله ) بالجِنّة تارة ،