قالوا جميعاً : فلمّا خرج النعش وعليه أبو الحسن ، خرج أبو محمّد حافي القدم ، مكشوف الرأس ، محللّ الأزرار خلف النعش ، مشقوق الجيب ، مخضلّ اللحية بدموع على عينيه ، يمشي راجلاً خلف النعش ، مرةً عن يمين النعش ، ومرةً عن شمال النعش ، ولا يتقدّم النعش إليه . . . . فدفن في داره ، وبقي الإمام أبو محمّد الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) ثلاثة أيّام مردود الأبواب ، يسمع من داره القراءة والتسبيح والبكاء ، ولا يؤكل في الدار إلاّ خبز الخشكار والملح ، ويشرب الشرابات ، . . . . فخرج توقيع منه ( عليه السلام ) في اليوم الرابع من المصيبة : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، أمّا بعد من شقّ جيبه على الذرّيّة ، يعقوب على يوسف حزناً قال : ( يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ ) فإنّه قُدّ جيبه فشقّه [1] . 3 - المسعوديّ ( رحمه الله ) : وحدّثنا جماعة كلّ واحد منهم يحكي : أنّه دخل الدار ، وقد اجتمع فيها جملة بني هاشم ، من الطالبيّين والعبّاسيّين ، واجتمع خلق من الشيعة ، ولم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمّد ( عليه السلام ) ، ولا عرف خبره . . . فهم في ذلك إذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم آخر : يا ريّاش ! خذ هذه الرقعة وامض بها إلى دار أمير المؤمنين وأعطها إلى فلان وقل له : هذه رقعة الحسن بن عليّ . فاستشرف الناس لذلك ، ثمّ فتح من صدر الرواق باب ، وخرج خادم أسود ثمّ خرج بعده أبو محمّد ( عليه السلام ) حاسراً مكشوف الرأس ، مشقوق الثياب ، وعليه مبطنة بيضاء ، وكان وجهه وجه أبيه ( عليه السلام ) ، لا يخطئ منه شيئاً . . .
[1] الهداية الكبرى : 248 ، س 15 . يأتي الحديث بتمامه في رقم 531 .