بالسيف ليقتلني به ، ولن يقدر على ذلك . فقلنا : يا مولانا ! اجعل لنا من الغمّ فرجاً . فقال : أنا راكب إليه فإذا رجعت فاسألوا زُرافة عمّا يرى . قال : وجاءته الرسل من دار المتوكّل ، فركب وهو يقول : ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ) [1] ولم نزل نرقّب رجوعه إلى أن رجع ومضينا إلى زُرافة ، فدخلنا عليه في حجرة خلوته ، فوجدناه منفرداً بها ، واضعاً خدّه على الأرض يبكي ، ويشكر اللّه مولاه ويستقيله ، فما جلس حتّى أتينا إليه فقال لنا : اجلسوا يا إخواني حتّى أُحدّثكم بما كان من هذا الطاغي ومن مولاي أبي الحسن ( عليه السلام ) . فقلنا له : سرّنا سرّك اللّه . فقال : إنّه أخرج إليّ سيفاً مسموم الشفرتين ، وأمرني ليرسلني إلى مولاي أبي الحسن ( عليه السلام ) إذا خلا مجلسه فلا يكون فيه ثالث غيري ، وأعلو مولاي بالسيف فأقتله ، فانتهيت إلى ما خرج به أمره إليّ ، فلمّا ورد مولاي للدار ، وقفت مشارفاً ، فأعلم ما يأمر به وقد أخليت المجلس وأبطأت . فبعث إلىّ هذا الطاغي خادماً يقول : امض ويلك ! ما أمرك به . فأخذت السيف بيدي ودخلت ، فلمّا صرت في صحن الدار ورآني مولاي ، فركل برجله وسط المجلس ، فانفجرت الأرض وظهر منها ثعبان عظيم فاتح فاه ، لو ابتلع سامرّا ومن فيها لكان في فيه سعة لا ترى مثله ، فسقط المتوكّل لوجهه ، وسقط السيف من يده ، وأنا أسمعه يقول : يا مولاي ويا ابن عمّي أقلني أقالك اللّه ، وأنا أشهد أنّك على كلّ شيء قدير .