( ) 19 - ابن حمزة الطوسيّ ( رحمه الله ) : عن الحسن بن محمّد بن عليّ قال : جاء رجل إلى عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى ( عليهم السلام ) وهو يبكي وترتعد فرائصه ، فقال : يا ابن رسول اللّه ! إنّ فلاناً - يعنى الوالي - أخذ ابني ، واتّهمه بموالاتك ، فسلّمه إلى حاجب من حجّابه وأمره أن يذهب به إلى موضع كذا ، فيرميه من أعلى جبل هناك ثمّ يدفنه في أصل الجبل . فقال ( عليه السلام ) : فما تشاء ؟ فقال : ما يشاء الوالد الشفيق لولده . قال : اذهب فإنّ ابنك يأتيك غداً إذا أمسيت ويخبرك بالعجب من أمره . فانصرف الرجل فرحاً . فلمّا كان عند ساعة من آخر النهار غداً ، إذا هو بابنه قد طلع عليه في أحسن صورة ، فسرّه وقال : ما خبرك يا بنىّ ؟ فقال : يا أبت ! إنّ فلاناً - يعني الحاجب - صار بي إلى أصل ذلك الجبل فأمسى عنده إلى هذا الوقت يريد أن يبيت هناك ثمّ يصعدني من غد إلى أعلى الجبل ويدهدهني [1] لبئر حفر لي قبراً في هذه الساعة ، فجعلت أبكي وقوم موكّلون بي يحفظونني فأتاني جماعة عشرة لم أر أحسن منهم وجوهاً ، وأنظف منهم ثياباً ، وأطيب منهم روائح ، والموكّلون بي لا يرونهم . فقالوا لي : ما هذا البكاء والجزع ، والتطاول [2] والتضرّع ؟ فقلت : ألا ترون قبراً محفوراً ، وجبلاً شاهقاً [3] ، وموكّلين لا يرحمون ، يريدون أن يدهدهوني منه ، ويدفنوني فيه . قالوا : بلى ! أرأيت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب فدهدهناه من الجبل
[1] دهده الحجر : دحرجه والشيء : قلّب بعضه على بعض . أقرب الموارد : 2 / 243 ، ( دهده ) . [2] تطاول الرجل : تمدّد قائماً لينظر إلى بعيد . أقرب الموارد : 3 / 405 ( طول ) . [3] الشاهق : المرتفع من الجبال والأبنية وغيرها . أقرب الموارد : 3 / 112 ( شهق ) .