حدّثني عمّ أبي قال : دخلت يوماً على المتوكّل وهو يشرب ، فدعاني إلى الشرب . فقلت : يا سيّدي ! ما شربته قطّ . فقال : أنت تشرب مع عليّ بن محمّد . فقلت له : ليس تعرف من في يديك ، إنّما يضرّك ولا يضرّه ; ولم أُعد ذلك عليه . قال : فلمّا كان يوماً من الأيّام قال لي الفتح بن خاقان : قد ذكر الرجل - يعني المتوكّل - خبر مال يجيء من قمّ ، وقد أمرني أن أرصده لأُخبره به ، فقل لي : من أيّ طريق يجيء حتّى أجتنبه ؟ فجئت إلى الإمام عليّ بن محمّد ( ( عليهما السلام ) ) فصادفت عنده من احتشمه ، فتبسّم وقال لي : لا يكون إلاّ خير . يا أبا موسى ! لِمَ لَمْ تُعد الرسالة الأوّلة ؟ فقلت : أجللتك يا سيّدي ! فقال لي : المال يجيء الليلة ، وليس يصلون إليه ، فبت عندي . فلمّا كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسلام ، وقال لي : قد جاء الرجل ومعه المال ، وقد منعه الخادم الوصول إليّ ، فأخرج وخذ ما معه ، فخرجت فإذا معه الزنفيلجة [1] فيها المال ، فأخذته ودخلت به إليه . فقال : قل له : هات المخنقة [2] التي قالت لك القمّيّة : إنّها ذخيرة جدّتها ; فخرجت إليه فأعطانيها ، فدخلت بها إليه . فقال لي : قل له : الجبّة التي أبدلتها منها ردّها إلينا ، فخرجت إليه ،
[1] الزنفيلجة : بكسر الزاي والفتح ، وفتح اللام ، شبيه بالكِتْف قال : وهو معرّب ، وأصله بالفارسيّة : زين بيله . لسان العرب : 2 / 291 ( زنفلج ) . [2] المخنقة بكسر الميم : القلادة ، وسمّيت بذلك لأنّها تطيف بالعنق . مجمع البحرين : 5 / 160 ( خنق ) .